بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مختصر الأدلة في إثبات صفة اليد لله عز و جل
أولا إثبات صفة اليد من الكتاب و السنة :
قال تعالى :
(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ )
(مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)
(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)
(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ )
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ )
(بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا )
و من الأحاديث :
حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم قال لموسى عليهما الصلاة والسلام : أنت يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوارة بيده . رواه مسلم والترمذي وأبوداود واللفظ له .
في حديث عبد الله بن عمرو "إن اللّه (عز وجل) خلق ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده".
فى الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال لي أنفق أنفق عليك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين الله ملآى لا يغيضها سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه قال وعرشه على الماء وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض " صحيح مسلم
ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه: ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله.
صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يَعدِلُون في حُكمهم وأهليهم وما وَلُـوا .
في سنن ابن ماجة في مقدمته عنون بابا بعنوان : باب فيما أنكرت الجهمية
و وضع فيه هذه الأحاديث :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق : رحمتي سبقت غضبي "
سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة ، كان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ "
عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يمين الله ملأى ، لا يغيضها شيء ، سحاء الليل والنهار ، وبيده الأخرى الميزان ، يرفع القسط ويخفض ، قال : أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض ؟ فإنه لم ينقص مما في يديه شيئا "
عبد الله بن عمر ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول : " يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده ، وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها " ، ثم يقول : " أنا الجبار ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " ، قال : " ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره ، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى إني أقول : أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا إدريس الخولاني ، يقول : حدثني النواس بن سمعان الكلابي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن ، إن شاء أقامه ، وإن شاء أزاغه " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا مثبت القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك . قال : والميزان بيد الرحمن ، يرفع أقواما ويخفض آخرين ، إلى يوم القيامة "
فأنظروا كيف أثبت ابن ماجة صفة اليدين لله عز و جل فهذا مذهب أهل الحديث و السلف.
النزول للدارقطني :
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان ثلث الليل الباقي هبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيبسط يده يقول : ألا داع يدعوني فأستجيب له ، ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له ، ألا تائب فأتوب عليه "
و بوب البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد بابا بعنوان : باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي
و وضع فيه الأحاديث التالية :
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم فيقولون يا آدم أما ترى الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناك ويذكر لهم خطيئته التي أصابها ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن فيأتون إبراهيم فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطاياه التي أصابها ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه فيأتون عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال لي ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ربي ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يده وقال عرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك رواه سعيد عن مالك وقال عمر بن حمزة سمعت سالما سمعت ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وقال أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض الله الأرض.
فأنظروا كيف اثبت البخاري صفة اليدين لله عز و جل فهذا مذهب أهل الحديث و السلف.
في صحيح ابن خزيمة : عن أبي الأحوص ، عن أبيه مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأيدي ثلاثة ، فيد الله العليا ، ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى ، فأعط الفضل ، ولا تعجز عن نفسك "
في صحيح ابن حبان :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس ، فقال : الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله . فقال له ربه : يرحمك ربك يا آدم ، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس ، فسلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثم رجع إلى ربه ، فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم ، وقال الله جل وعلا ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . فقال : اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته ، فقال : أي رب ما هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء ذريتك ، فإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه ، فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم لم يكتب له إلا أربعين سنة . قال : يا رب ، ما هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . وقد كتب الله عمره أربعين سنة . قال : أي رب ، زده في عمره . قال : ذاك الذي كتبت له . قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة . قال : أنت وذاك اسكن الجنة ، فسكن الجنة ما شاء الله ، ثم أهبط منها ، وكان آدم يعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت ، فقال له آدم : قد عجلت ، قد كتب لي ألف سنة . قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة ، فجحد فجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود "
صحيح مسلم : الشعبي ، يخبر عن المغيرة بن شعبة ، قال : سمعته على المنبر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وحدثني بشر بن الحكم واللفظ له حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا مطرف ، وابن أبجر سمعا الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يخبر به الناس على المنبر ء قال سفيان : رفعه أحدهما ، أراه ابن أبجر ء قال : " سأل موسى ربه ، ما أدنى أهل الجنة منزلة ، قال : هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب ، كيف وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ، فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ، ومثله ومثله ومثله ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب ، فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك ، فيقول : رضيت رب ، قال : رب ، فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر " ، قال : ومصداقه في كتاب الله عز وجل : " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين الآية . حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله الأشجعي ، عن عبد الملك بن أبجر ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يقول على المنبر : إن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل عن أخس أهل الجنة منها حظا ، وساق الحديث بنحوه
صحيح ابن حبان : عتبة بن عبد السلمي ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ، ثم يتبع كل ألف بسبعين ألفا ، ثم يحثي بكفه ثلاث حثيات " ، فكبر عمر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إن السبعين ألفا الأول يشفعهم الله في آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعل أمتي أدنى الحثوات الأواخر.
صحيح مسلم : عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يكفؤها الجبار بيده ، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر ، نزلا لأهل الجنة " قال : فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك ، أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : " بلى " قال : تكون الأرض خبزة واحدة - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، قال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : " بلى " قال : إدامهم بالام ونون ، قالوا : وما هذا ؟ قال : " ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا "
صحيح مسلم : عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت أبا عبيدة ، يحدث عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " وحدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة بهذا الإسناد نحوه
و في مسند أبي يعلى الموصلي : عن ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قبض قبضة فقال : للجنة برحمتي ، وقبض قبضة فقال : للنار ولا أبالي "
في الأسماء و الصفات للبيهقي : أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو حامد بن بلال ، ثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا عبد ربه بن صالح القرشي ، ثنا عروة بن رويم ، عن الأنصاري ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلق الله تعالى آدم وذريته ، قالت الملائكة : يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون ، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة ، فقال الله تبارك وتعالى : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فيكون.
فهذه بعض الأحاديث التي بلغت درجة التواتر المعنوي في إثبات صفة اليدين.
و بعد إثبات اليدين من الكتاب و السنة نجمع مع هذه الاحاديث المتواترة و الايات الثابتة قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
فثبت بالدليل القاطع أن الجمع في هذه الآية يرجع لليدين جمعا بين كل هذه الادلة الثابتة فقوله تعالى بل يداه مبسوطتان و قوله لما خلقت بيدي و قوله عليه الصلاة و السلام كلتا يداه يمين و قوله وبيده الأخرى الميزان و قوله وقال الله جل وعلا ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . فقال : اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته و قوله غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها.
اثبتت أنهما يدان تليقان بالله عز وجل لا كيدي المخلوق فهذه هي الشريعة تؤخد جملة لا من حديث واحد منفصل و لقد ضل في مثل هذه الأمور الكثير من الناس.
في قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
جمعت اليد مع نون العظمة و نون العظمة ترجع لله سبحانه و تعالى و هذا من أسلوب العرب كقوله تعالى "فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" [الشورى:30] فمن قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير التثنية أو ضمير الجمع، جُمع كقوله تعالى: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4]. وقوله: "فاقطعوا أيديهما" [المائدة:38]
السارق و السارقة تقطع لكل واحد منهما يد واحدة لكن التعبير جاء بالجمع و كذلك قوله تعالى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا )(التحريم: من الآية4) ، وهما اثنتان، والقلوب جمع، والمراد به قلبان فقط، لقوله تعالى مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ )(الأحزاب: من الآية4)ٍ
و كذلك لقوله تعالى ( فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)(النساء: من الآية11) جمع، والمراد به اثنان.
فهذا مثنى ذكر بالجمع هذا لسان العرب و ليس تأويلا إنما هي الشريعة تصدق بعضها بعضا.
ثانيا قوله تعالى : والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون
أما قوله تعالى : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون . فليست من آيات الصفات لأن الأيد لم تضف لله عز و جل إنما الصفة هي المضافة كقوله تعالى بيدي ، و قوله بل يداه مبسوطتان.
قال في لسان العرب : الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج: من أَن تبدّلت بآدِي آدا يعني قوّة الشباب.
وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.
وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.
والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته وهو مؤيَد.
وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز: والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد.
وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.
وتأَيد الشيء: تقوى. اهــ
أقوال المفسرين :
قال الشنقيطي رحمه الله :
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة {بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ}، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله {بِأَيْدٍ} ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: {بِأَيْدٍ} في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} جمع يد لكان وزنه أفعلاً، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصاً هي اللام.
والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى {وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ} أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشاً، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة ) انتهى أضواء البيان
قال الطبري في تفسيره : 24962 حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { والسماء بنيناها بأيد } يقول : بقوة. 24963 حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { بأيد } قال : بقوة . 24964 حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والسماء بنيناها بأيد } : أي بقوة . 24965 حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور أنه قال في هذه الآية : { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة . 24966 حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة. 24967 حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة اهــ
فتفسير كلمة أيد هي قوة و القوة مفردة فلو كانت ايد جمع لكان تفيسرها قوى و ليس قوة فدل التفسير على أن كلمة أيد مفردة و هذا يوافق مصدرها الأَيْدُ والآدُ.
قال في مختار الصحاح
(اليَدُ أَصْلُها يَدْىَ على فَعْل ساكنة العَين لأنّ جَمْعَها أَيْدٍ ويُدِيّ وهُمَا جَمْعُ فَعْل كَفَلْس وأَفْلُس وفُلُوس. ولا يُجْمَع فَعَل على أَفْعُل إلا في حُرُوفٍ يَسيرة مَعْدُودة كَزَمَن وأَزْمُن وجَبَل وأَجْبُل. وقد جُمِعَت الأَيدِي في الشِّعْر على أيادٍ وهو جَمْعُ الجَمْع مثْل أَكْرُع وأَكَارع. وبَعْضُ العَرَب يقول في الجمع الأَيْدِ بحذف الياء. وبَعْضُهم يَقول لِليَد يَدًى مِثْل رَحًى. وتَنثْنيتُها على هذه اللُغَة يَدَيَانِ كَرَحَيَانِ. واليَدُ القُوَة. وأَيَّدَه قَوَّاهُ. وَمَالِي بفُلانٍ يدان أي طَاقَةٌ. وقال اللهُ تعالى (والسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بَأَيْد). قلتُ: قوله تعالى: (بأَيْد) أي بقُوَّةٍ وهو مَصْدَر آدَ يئِيدُ أَيْداً إذا قَوِيَ وليس جَمْعاً لِيدٍ ليُذْكَر هُنَا بل مَوْضعُه بابُ الدَّالِ. وقد نَصَّ الأزَهَري على هذه الآية في الأيدِ بمعنى المَصْدَر. ولا أَعْرِفُ أَحدَاً من أَئِمَة اللُّغَة أو التَّفْسِير ذَهَبَ إلى ما ذَهَب إليه الجَوْهَرِي من أَنَّها جَمْعُ يَدٍ.) اهـ
قال الألوسي
((بأيد) أي بقوة قاله ابن عباس . ومجاهد . وقتادة ، ومثله الآد وليس جمع { ( يَدُ ) وجوزه الإمام وإن صحت التورية به ) اهــ
قال الزمخشري في الكشاف في تفسير هذه الآية: بأيد : بقوة و الأيد و الآد : القوة ، و قد آد يئيد و هو أيد اهــ
أقوال أصحاب اللغة :
قال بهجت عبد الواحد صالح في الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل : بنيناها بأيد : فعل ماض مبني على السكون لإتصاله بنا و "نا" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و "ها" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به . بأيد : جار و مجرور متعلق ببنى و علامة جره الكسرة المنونة . و الكلمة مصدر "آد" يئيد أيدا : اذا قوى و "بأيد" أي بقوة اهــ
قال الخليل الفراهيدي في كتاب العين:
أيد، إدي: الايد: القوة، وبلغة تميم الآد، ومنه قيل: أد فلان فلانا إذا أعانه وقواه. والتأييد: مصدر أيدته أي قويته. وقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة. اهــ
و في المعجم الوسيط :
( آد )
أيدا و آدا قوي و اشتد فهو أيد و ذو أيد و في التنزيل العزيز ( والسماء بنيناها بأيد ) و في المثل الكيد أبلغ من الأيد. اهــ
أقوال أهل فن كتابة المصحف:
و من الملاحظ أن كلمة أيد كتبت في المصحف بأييد : قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني في كتابه المحكم فى نقط المصاحف صفحة 178 (و هو من علماء هذا الشأن و أدرى العلماء بخبايا المصحف): أولأن العرب لم يكونوا اصحاب شكل ونقط فكانوا يفرقون بين المشتبهين في الصورة بزيادة الحروف إلحاقهم الواو في ( عمرو ) فرقا بينه وبين ( عمر ) وإلحاقهم إياها في ( أولئك ) فرقا بينه وبين ( إليك ) وفي ( أولى ) فرقا بينه وبين ( إلى ) وإلحاقهم الياء في قوله ( والسماء بنيناها بأييد ) فرقا بين ( الايد الذي معناه القوة ) وبين الايدي ( التي هي جمع يد ) وإلحاقهم الالف في ( مائة ) فرقا بينه وبين
( منه و منة ) من حيث اشتبهت صورة ذلك كله في الكتابة . أهـ
http://www.albwader.com/modules.php?...ook=238&id=178
قال أبو العباس المراكشي إنما كتبت {بأييد} بياءين فرقا بين الأيد الذي هو القوة وبين الأيدي جمع يد ولا شك أن القوة التي بنى الله بها السماء هي أحق بالثبوت في الوجود من الأيدي فزيدت الياء لاختصاص اللفظة بمعنى أظهر في أدراك الملكوتي في الوجود.اهــ (عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل ص 91) و نقلها عنه الزركشي في (البرهان في علوم القرآن ج1 ص 387)
أقوال بعض العلماء:
قال أبو حسن الأشعري في كتابه الإبانة :
وقد اعتل معتل بقول الله تعالى ( 1 / 130 ) : ( والسماء بنيناها بأيد ) من الآية ( 47 / 51 ) قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) بقدرتي قيل لهم : هذا التأويل فاسد من وجوه :
أحدها : أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : ( لما خلقت بيدي ) من الآية ( 75 / 38 ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد )
وأيضا فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . ( 1 / 132 )
وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله : ( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه وسلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه وسلم أن يسجد له : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) ( 75 / 38 ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه وسلم في أن خلق بهما . ( 1 / 133 )
الإبانة الأشعري [ جزء 1 صفحة 133 ]
قال الشيخ العثيمين رحمه الله (بأيد، أي: بقوة كما قال تعالى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً [النبأ:12] والأيد هنا ليست جمع يد كما يتوهمه بعض الناس ويظنون أن المراد أن الله بنى السماء بأيد أي: بيديه عز وجل، ذلك لأن الأيد هنا مصدر آد يئيد بمعنى: قوي، ولهذا لم يضف الله تعالى هذه الكلمة إلى نفسه الكريمة كما أضافها إلى نفسه الكريمة في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً [يس:71] فمن فسر الأيد هنا بالقوة فإنه لا يقال: إنه من أهل التأويل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، بل هو من التأويل الصحيح.) اهـ لقاءات الباب المفتوح
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيدٍ" [الذاريات: 47]. قال المفسرون: أي بقوة، وهذا لا خلاف فيه. والأيد في الآية مصدر آد يئيد، يعني القوة، كما قال تعالى: "واذكر عبدنا داود ذا الأيد" [ص:17] أي ذا القوة، وليس هو بمعنى اليد، فاليد جمعها (أيدي)، كما قال تعالى: "أَولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا" [يس: 71]، وعلى هذا فتفسير الأيد بالقوة ليس تأويلاً أصلاً، فإن التأويل هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى غيره، فلا يرد على هذا التفسير، فلا يجوز أن يقال: إن السلف أولوا هذه الآية، بل فسروها بمعناها الظاهر، وليس في هذا التفسير صرف للفظ عن ظاهره فلا يكون تأويلاً، ومن قال: إن السلف أولوا. فهو إما جاهل، وإما ملبس يريد أن يحتج بذلك على ما يذهب إليه من التأويل الباطل. والله أعلم. اهــ http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-96726.htm
وفي حوار بين الشيخ الطيار و الشيخ الخضيري و الشيخ الشهري حفظهم الله :
الشيخ الطيار: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}(الذاريات:47) يا أبا عبد الله، هذه بعض الناس يفهمها على غير وجهها الآية رقم سبع وأربعين.
الشيخ الخضيري: وسبحان الله اليوم تأتيني رسالة الساعة الرابعة صباحا يسألني شخص، يقول أني رأيت في أحد التفاسير {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} أي بقوة، وكأنه يظن أن هذا تأويلا فما تقول يا أبا عبد الله.
الشيخ الشهري: هذه آيات في القرآن الكريم قد يفهم منها أنها من الآيات التي تدل على صفات الله سبحانه وتعالى، بعضها يحتمل وبعضها ليس من آيات الصفات، مثل هذه الآية {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ} المقصود بالأيد هنا القوة.
الشيخ الخضيري: آد يئيد.
الشيخ الشهري: نعم، في اللغة العربية.
الشيخ الطيار: ومنه قوله:{ودَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ}(سورة ص:17).
الشيخ الشهري: المقصود ذو القوة يعني، وهذا هو معنى الأيد في اللغة أنه بمعنى القوة، ولذلك تقول أيّد فلان فلانا بمعنى أنه قواه، وتقول هل تؤيدني في هذا؟ يعني بمعنى هل يكون رأيك مع رأيي في هذا الموضوع فيقوى به.
الشيخ الطيار: وفي القرآن {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(سورة البقرة:87).
الشيخ الشهري: وأيدناه يعني وقويناه، فهذه الآية ليست من آيات الصفات، لا تدل على اليد، يعني لا تدل على صفة اليد لله سبحانه وتعالى، وإنما صفة اليد تؤخذ من نصوص أخرى.
الشيخ الخضيري: فليس تأويلها أو تفسيرها بالقوة تأويلا.
الشيخ الشهري: ليس تأويلا وتحريفا للكلام.
الشيخ الخضيري: وليست من آيات الصفات أصلا، والعجيب أنهم ذكروا أن الصحابة كتبوها بصوره مغايرة للصورة المعهودة للمغايرة بين جمع اليد وبين هذا المصدر، فجعلوها بياءين.
الشيخ الطيار: نعم، بسنتين.
الشيخ الخضيري: ولذلك لعل الأخوة المشاهدون يلاحظون فيه ياء أخرى زائدة.
الشيخ الطيار: مو موضوع عليها دائرة إشارة على أنها زائدة.
الشيخ الخضيري: دلالة على أنها لا تنطق.
الشيخ الشهري: لا تنطق، يعني أنت تقول بأيد ولا تقول بأييد.
الشيخ الطيار: وهذا يدل على أيضا مسألة سبق أن ذكرناها في سورة العنكبوت { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ }(سورة العنكبوت:49) أن القرآن الأصل فيه المحفوظ وليس المرسوم، ولذلك لا نجد أحدا أبدا من القراء بل ولا من المسنين يقرأها كما ذكر أبو عبد الله بأييد هكذا، لا أحد يقرأها هكذا وإنما يقرأها بأيد. اهــ
لو كان بأيد جمع يد لقال تعالى بأيدينا كما في قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
قال تعالى : واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد.
داود عليه السلام ليس له أكثر من يدين فلفظ أيد ليس بيد قطعا و الاية معناها ذا القوة فهذه هنا فسرت الاخرى هناك ، الشريعة تؤخد بجميعها لا ببعضها.
ثالثا الإجماع على أن لله يدان تليقان به عز و جل:
قال ابو زيد القيرواني رحمه الله في كتابه الجامع في السنن و الآداب و المغازي و التاريخ ص 107:فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة ...... و أن يديه مبسوطتان و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه. اهــ
http://www.way2jannah.com/vb/showthread.php?t=5969
و في "الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة الحافظ علي بن محمد بن عبدالملك الفاسي المكنى بأبي الحسن ويلقب بابن القطان :
89 وأجمعوا أن لله يدين مبسوطتين
90 وأجمعوا ان الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه من غير أن تكون جوارح.اهــ
قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني في منظومته الحائية : وَقَـدْ يُنكِـرُ الجَهْمِيُّ أَيضًا يَمِيْنَـهُ * وَكِلْتَا يَدَيْـهِ بالفواضِـلِ تَنْضَـحُ.
بعد ان اتم الآجري القصيدة نقلا عن أبي بكر قال : ثم قال لنا أبو بكر ابن أبي داود: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل، وقول من أدركنا من أهل العلم ومن لم ندرك ممّن بلغنا عنه. فمن قال علي غير هذا فقد كذب.
وقال ابن شاهين: قال أبو بكر ابن أبي داود رحمه الله: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل رحمه الله، وقول من أدركنا من أهل العلم وقول ممن لم ندرك ممن بلغنا قوله. فمن قال علي غير هذا فقد كذب.
وقال ابن البناء: قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني: هذا مذهب أحمد بن حنبل ومذهبي ومذهب أبي رحمهم الله وإيانا.
وقال ابن أبي يعلى: قال ابن بطة: قال أبو بكر بن أبي داود: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل، وقول من أدركنا من أهل العلم، ومن لم ندرك ممن بلغنا عنه، فمن قال غير هذا فقد كذب.
قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه. ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه. [الفقه الأبسط ص56]
قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]
قال الإمام أبو حنيفة: ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأنَّ فيه إبطال صفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال. [الفقه الأكبر ص302]
قال الذهبي في السير في ترجمة أبو بكر الإسماعيلي الإمام الحافظ الحجة الفقيه رحمه الله (ولد سنة 277 هــ) : أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن الفراء ، أخبرنا الشيخ موفق الدين عبد الله ، أخبرنا مسعود بن عبد الواحد ، أخبرنا صاعد بن سيار ، أخبرنا علي ابن محمد الجرجاني ، أخبرنا حمزة بن يوسف ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال : اعلموا - رحمكم الله - أن مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وقبول ما نطق به كتاب الله ، وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا معدل عن ذلك . ويعتقدون بأن الله مدعو بأسمائه الحسنى ، وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها نبيه ، خلق آدم بيديه ، ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف ، واستوى على العرش بلا كيف ، وذكر سائر الاعتقاد . اهــ
و قال في ترجمة أبي ذَرّ الهَرَوِيّ رحمه الله (ولد سنة 356 هــ) : هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان ، وبالحضرة رءوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع ، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية ، وكان يرد على الكرامية ، وينصر الحنابلة عليهم ، وبينه وبين أهل الحديث عامر ، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة ، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام ، وقد ألف كتابا سماه : "الإبانة" ، يقول فيه : فإن قيل : فما الدليل على أن لله وجها ويدا ؟ قال : قوله : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ وقوله : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فأثبت - تعالى - لنفسه وجها ويدا ... إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان ؟ قيل : معاذ الله ! بل هو مستوٍ على عرشه كما أخبر في كتابه اهــ
و قال في ترجمة الخطيب البغدادي رحمه الله (ولد سنة 392 هــ) : أخبرنا أبو علي بن الخلال ، أخبرنا أبو الفضل الهمداني ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني ، حدثنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال : أما الكلام في الصفات ، فإن ما روي منها في السنن الصحاح ، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ، ونفي الكيفية والتشبيه عنها ، وقد نفاها قوم ، فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم من المثبتين ، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف ، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ، ودين الله ءتعالىء بين الغالي فيه والمقصر عنه . والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله ، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
فإذا قلنا : لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ، ولا نقول : إن معنى اليد القدرة ، ولا إن معنى السمع والبصر العلم ، ولا نقول : إنها جوارح . ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ، ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ . اهــ
و صلى الله و سلم على نبينا محمد.
هذا مختصر الأدلة في إثبات صفة اليد لله عز و جل
أولا إثبات صفة اليد من الكتاب و السنة :
قال تعالى :
(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ )
(مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)
(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)
(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ )
(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ )
(بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا )
و من الأحاديث :
حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم قال لموسى عليهما الصلاة والسلام : أنت يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوارة بيده . رواه مسلم والترمذي وأبوداود واللفظ له .
في حديث عبد الله بن عمرو "إن اللّه (عز وجل) خلق ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده".
فى الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال لي أنفق أنفق عليك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين الله ملآى لا يغيضها سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه قال وعرشه على الماء وبيده الأخرى القبض يرفع ويخفض " صحيح مسلم
ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه: ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله.
صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يَعدِلُون في حُكمهم وأهليهم وما وَلُـوا .
في سنن ابن ماجة في مقدمته عنون بابا بعنوان : باب فيما أنكرت الجهمية
و وضع فيه هذه الأحاديث :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق : رحمتي سبقت غضبي "
سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة ، كان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ "
عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يمين الله ملأى ، لا يغيضها شيء ، سحاء الليل والنهار ، وبيده الأخرى الميزان ، يرفع القسط ويخفض ، قال : أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض ؟ فإنه لم ينقص مما في يديه شيئا "
عبد الله بن عمر ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول : " يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده ، وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها " ، ثم يقول : " أنا الجبار ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " ، قال : " ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره ، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه ، حتى إني أقول : أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا إدريس الخولاني ، يقول : حدثني النواس بن سمعان الكلابي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن ، إن شاء أقامه ، وإن شاء أزاغه " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا مثبت القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك . قال : والميزان بيد الرحمن ، يرفع أقواما ويخفض آخرين ، إلى يوم القيامة "
فأنظروا كيف أثبت ابن ماجة صفة اليدين لله عز و جل فهذا مذهب أهل الحديث و السلف.
النزول للدارقطني :
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان ثلث الليل الباقي هبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيبسط يده يقول : ألا داع يدعوني فأستجيب له ، ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له ، ألا تائب فأتوب عليه "
و بوب البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد بابا بعنوان : باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي
و وضع فيه الأحاديث التالية :
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيأتون آدم فيقولون يا آدم أما ترى الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناك ويذكر لهم خطيئته التي أصابها ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن فيأتون إبراهيم فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطاياه التي أصابها ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه فيأتون عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال لي ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ربي ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يده وقال عرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع .
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك رواه سعيد عن مالك وقال عمر بن حمزة سمعت سالما سمعت ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وقال أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض الله الأرض.
فأنظروا كيف اثبت البخاري صفة اليدين لله عز و جل فهذا مذهب أهل الحديث و السلف.
في صحيح ابن خزيمة : عن أبي الأحوص ، عن أبيه مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأيدي ثلاثة ، فيد الله العليا ، ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى ، فأعط الفضل ، ولا تعجز عن نفسك "
في صحيح ابن حبان :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس ، فقال : الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله . فقال له ربه : يرحمك ربك يا آدم ، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس ، فسلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثم رجع إلى ربه ، فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم ، وقال الله جل وعلا ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . فقال : اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته ، فقال : أي رب ما هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء ذريتك ، فإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه ، فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم لم يكتب له إلا أربعين سنة . قال : يا رب ، ما هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . وقد كتب الله عمره أربعين سنة . قال : أي رب ، زده في عمره . قال : ذاك الذي كتبت له . قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة . قال : أنت وذاك اسكن الجنة ، فسكن الجنة ما شاء الله ، ثم أهبط منها ، وكان آدم يعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت ، فقال له آدم : قد عجلت ، قد كتب لي ألف سنة . قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة ، فجحد فجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود "
صحيح مسلم : الشعبي ، يخبر عن المغيرة بن شعبة ، قال : سمعته على المنبر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وحدثني بشر بن الحكم واللفظ له حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا مطرف ، وابن أبجر سمعا الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يخبر به الناس على المنبر ء قال سفيان : رفعه أحدهما ، أراه ابن أبجر ء قال : " سأل موسى ربه ، ما أدنى أهل الجنة منزلة ، قال : هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب ، كيف وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ، فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ، ومثله ومثله ومثله ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب ، فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك ، فيقول : رضيت رب ، قال : رب ، فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر " ، قال : ومصداقه في كتاب الله عز وجل : " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين الآية . حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله الأشجعي ، عن عبد الملك بن أبجر ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : سمعت المغيرة بن شعبة ، يقول على المنبر : إن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل عن أخس أهل الجنة منها حظا ، وساق الحديث بنحوه
صحيح ابن حبان : عتبة بن عبد السلمي ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ، ثم يتبع كل ألف بسبعين ألفا ، ثم يحثي بكفه ثلاث حثيات " ، فكبر عمر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إن السبعين ألفا الأول يشفعهم الله في آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعل أمتي أدنى الحثوات الأواخر.
صحيح مسلم : عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يكفؤها الجبار بيده ، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر ، نزلا لأهل الجنة " قال : فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك ، أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : " بلى " قال : تكون الأرض خبزة واحدة - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، قال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : " بلى " قال : إدامهم بالام ونون ، قالوا : وما هذا ؟ قال : " ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا "
صحيح مسلم : عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت أبا عبيدة ، يحدث عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " وحدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة بهذا الإسناد نحوه
و في مسند أبي يعلى الموصلي : عن ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قبض قبضة فقال : للجنة برحمتي ، وقبض قبضة فقال : للنار ولا أبالي "
في الأسماء و الصفات للبيهقي : أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو حامد بن بلال ، ثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا عبد ربه بن صالح القرشي ، ثنا عروة بن رويم ، عن الأنصاري ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلق الله تعالى آدم وذريته ، قالت الملائكة : يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون ، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة ، فقال الله تبارك وتعالى : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فيكون.
فهذه بعض الأحاديث التي بلغت درجة التواتر المعنوي في إثبات صفة اليدين.
و بعد إثبات اليدين من الكتاب و السنة نجمع مع هذه الاحاديث المتواترة و الايات الثابتة قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
فثبت بالدليل القاطع أن الجمع في هذه الآية يرجع لليدين جمعا بين كل هذه الادلة الثابتة فقوله تعالى بل يداه مبسوطتان و قوله لما خلقت بيدي و قوله عليه الصلاة و السلام كلتا يداه يمين و قوله وبيده الأخرى الميزان و قوله وقال الله جل وعلا ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت . فقال : اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته و قوله غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها.
اثبتت أنهما يدان تليقان بالله عز وجل لا كيدي المخلوق فهذه هي الشريعة تؤخد جملة لا من حديث واحد منفصل و لقد ضل في مثل هذه الأمور الكثير من الناس.
في قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
جمعت اليد مع نون العظمة و نون العظمة ترجع لله سبحانه و تعالى و هذا من أسلوب العرب كقوله تعالى "فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" [الشورى:30] فمن قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير التثنية أو ضمير الجمع، جُمع كقوله تعالى: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4]. وقوله: "فاقطعوا أيديهما" [المائدة:38]
السارق و السارقة تقطع لكل واحد منهما يد واحدة لكن التعبير جاء بالجمع و كذلك قوله تعالى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا )(التحريم: من الآية4) ، وهما اثنتان، والقلوب جمع، والمراد به قلبان فقط، لقوله تعالى مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ )(الأحزاب: من الآية4)ٍ
و كذلك لقوله تعالى ( فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)(النساء: من الآية11) جمع، والمراد به اثنان.
فهذا مثنى ذكر بالجمع هذا لسان العرب و ليس تأويلا إنما هي الشريعة تصدق بعضها بعضا.
ثانيا قوله تعالى : والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون
أما قوله تعالى : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون . فليست من آيات الصفات لأن الأيد لم تضف لله عز و جل إنما الصفة هي المضافة كقوله تعالى بيدي ، و قوله بل يداه مبسوطتان.
قال في لسان العرب : الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج: من أَن تبدّلت بآدِي آدا يعني قوّة الشباب.
وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.
وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.
والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته وهو مؤيَد.
وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز: والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد.
وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.
وتأَيد الشيء: تقوى. اهــ
أقوال المفسرين :
قال الشنقيطي رحمه الله :
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة {بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ}، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله {بِأَيْدٍ} ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: {بِأَيْدٍ} في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} جمع يد لكان وزنه أفعلاً، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصاً هي اللام.
والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى {وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ} أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشاً، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة ) انتهى أضواء البيان
قال الطبري في تفسيره : 24962 حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { والسماء بنيناها بأيد } يقول : بقوة. 24963 حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { بأيد } قال : بقوة . 24964 حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والسماء بنيناها بأيد } : أي بقوة . 24965 حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور أنه قال في هذه الآية : { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة . 24966 حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة. 24967 حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { والسماء بنيناها بأيد } قال : بقوة اهــ
فتفسير كلمة أيد هي قوة و القوة مفردة فلو كانت ايد جمع لكان تفيسرها قوى و ليس قوة فدل التفسير على أن كلمة أيد مفردة و هذا يوافق مصدرها الأَيْدُ والآدُ.
قال في مختار الصحاح
(اليَدُ أَصْلُها يَدْىَ على فَعْل ساكنة العَين لأنّ جَمْعَها أَيْدٍ ويُدِيّ وهُمَا جَمْعُ فَعْل كَفَلْس وأَفْلُس وفُلُوس. ولا يُجْمَع فَعَل على أَفْعُل إلا في حُرُوفٍ يَسيرة مَعْدُودة كَزَمَن وأَزْمُن وجَبَل وأَجْبُل. وقد جُمِعَت الأَيدِي في الشِّعْر على أيادٍ وهو جَمْعُ الجَمْع مثْل أَكْرُع وأَكَارع. وبَعْضُ العَرَب يقول في الجمع الأَيْدِ بحذف الياء. وبَعْضُهم يَقول لِليَد يَدًى مِثْل رَحًى. وتَنثْنيتُها على هذه اللُغَة يَدَيَانِ كَرَحَيَانِ. واليَدُ القُوَة. وأَيَّدَه قَوَّاهُ. وَمَالِي بفُلانٍ يدان أي طَاقَةٌ. وقال اللهُ تعالى (والسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بَأَيْد). قلتُ: قوله تعالى: (بأَيْد) أي بقُوَّةٍ وهو مَصْدَر آدَ يئِيدُ أَيْداً إذا قَوِيَ وليس جَمْعاً لِيدٍ ليُذْكَر هُنَا بل مَوْضعُه بابُ الدَّالِ. وقد نَصَّ الأزَهَري على هذه الآية في الأيدِ بمعنى المَصْدَر. ولا أَعْرِفُ أَحدَاً من أَئِمَة اللُّغَة أو التَّفْسِير ذَهَبَ إلى ما ذَهَب إليه الجَوْهَرِي من أَنَّها جَمْعُ يَدٍ.) اهـ
قال الألوسي
((بأيد) أي بقوة قاله ابن عباس . ومجاهد . وقتادة ، ومثله الآد وليس جمع { ( يَدُ ) وجوزه الإمام وإن صحت التورية به ) اهــ
قال الزمخشري في الكشاف في تفسير هذه الآية: بأيد : بقوة و الأيد و الآد : القوة ، و قد آد يئيد و هو أيد اهــ
أقوال أصحاب اللغة :
قال بهجت عبد الواحد صالح في الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل : بنيناها بأيد : فعل ماض مبني على السكون لإتصاله بنا و "نا" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و "ها" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به . بأيد : جار و مجرور متعلق ببنى و علامة جره الكسرة المنونة . و الكلمة مصدر "آد" يئيد أيدا : اذا قوى و "بأيد" أي بقوة اهــ
قال الخليل الفراهيدي في كتاب العين:
أيد، إدي: الايد: القوة، وبلغة تميم الآد، ومنه قيل: أد فلان فلانا إذا أعانه وقواه. والتأييد: مصدر أيدته أي قويته. وقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة. اهــ
و في المعجم الوسيط :
( آد )
أيدا و آدا قوي و اشتد فهو أيد و ذو أيد و في التنزيل العزيز ( والسماء بنيناها بأيد ) و في المثل الكيد أبلغ من الأيد. اهــ
أقوال أهل فن كتابة المصحف:
و من الملاحظ أن كلمة أيد كتبت في المصحف بأييد : قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني في كتابه المحكم فى نقط المصاحف صفحة 178 (و هو من علماء هذا الشأن و أدرى العلماء بخبايا المصحف): أولأن العرب لم يكونوا اصحاب شكل ونقط فكانوا يفرقون بين المشتبهين في الصورة بزيادة الحروف إلحاقهم الواو في ( عمرو ) فرقا بينه وبين ( عمر ) وإلحاقهم إياها في ( أولئك ) فرقا بينه وبين ( إليك ) وفي ( أولى ) فرقا بينه وبين ( إلى ) وإلحاقهم الياء في قوله ( والسماء بنيناها بأييد ) فرقا بين ( الايد الذي معناه القوة ) وبين الايدي ( التي هي جمع يد ) وإلحاقهم الالف في ( مائة ) فرقا بينه وبين
( منه و منة ) من حيث اشتبهت صورة ذلك كله في الكتابة . أهـ
http://www.albwader.com/modules.php?...ook=238&id=178
قال أبو العباس المراكشي إنما كتبت {بأييد} بياءين فرقا بين الأيد الذي هو القوة وبين الأيدي جمع يد ولا شك أن القوة التي بنى الله بها السماء هي أحق بالثبوت في الوجود من الأيدي فزيدت الياء لاختصاص اللفظة بمعنى أظهر في أدراك الملكوتي في الوجود.اهــ (عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل ص 91) و نقلها عنه الزركشي في (البرهان في علوم القرآن ج1 ص 387)
أقوال بعض العلماء:
قال أبو حسن الأشعري في كتابه الإبانة :
وقد اعتل معتل بقول الله تعالى ( 1 / 130 ) : ( والسماء بنيناها بأيد ) من الآية ( 47 / 51 ) قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) بقدرتي قيل لهم : هذا التأويل فاسد من وجوه :
أحدها : أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : ( لما خلقت بيدي ) من الآية ( 75 / 38 ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد )
وأيضا فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . ( 1 / 132 )
وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله : ( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه وسلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه وسلم أن يسجد له : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) ( 75 / 38 ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه وسلم في أن خلق بهما . ( 1 / 133 )
الإبانة الأشعري [ جزء 1 صفحة 133 ]
قال الشيخ العثيمين رحمه الله (بأيد، أي: بقوة كما قال تعالى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً [النبأ:12] والأيد هنا ليست جمع يد كما يتوهمه بعض الناس ويظنون أن المراد أن الله بنى السماء بأيد أي: بيديه عز وجل، ذلك لأن الأيد هنا مصدر آد يئيد بمعنى: قوي، ولهذا لم يضف الله تعالى هذه الكلمة إلى نفسه الكريمة كما أضافها إلى نفسه الكريمة في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً [يس:71] فمن فسر الأيد هنا بالقوة فإنه لا يقال: إنه من أهل التأويل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، بل هو من التأويل الصحيح.) اهـ لقاءات الباب المفتوح
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيدٍ" [الذاريات: 47]. قال المفسرون: أي بقوة، وهذا لا خلاف فيه. والأيد في الآية مصدر آد يئيد، يعني القوة، كما قال تعالى: "واذكر عبدنا داود ذا الأيد" [ص:17] أي ذا القوة، وليس هو بمعنى اليد، فاليد جمعها (أيدي)، كما قال تعالى: "أَولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا" [يس: 71]، وعلى هذا فتفسير الأيد بالقوة ليس تأويلاً أصلاً، فإن التأويل هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى غيره، فلا يرد على هذا التفسير، فلا يجوز أن يقال: إن السلف أولوا هذه الآية، بل فسروها بمعناها الظاهر، وليس في هذا التفسير صرف للفظ عن ظاهره فلا يكون تأويلاً، ومن قال: إن السلف أولوا. فهو إما جاهل، وإما ملبس يريد أن يحتج بذلك على ما يذهب إليه من التأويل الباطل. والله أعلم. اهــ http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-96726.htm
وفي حوار بين الشيخ الطيار و الشيخ الخضيري و الشيخ الشهري حفظهم الله :
الشيخ الطيار: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}(الذاريات:47) يا أبا عبد الله، هذه بعض الناس يفهمها على غير وجهها الآية رقم سبع وأربعين.
الشيخ الخضيري: وسبحان الله اليوم تأتيني رسالة الساعة الرابعة صباحا يسألني شخص، يقول أني رأيت في أحد التفاسير {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} أي بقوة، وكأنه يظن أن هذا تأويلا فما تقول يا أبا عبد الله.
الشيخ الشهري: هذه آيات في القرآن الكريم قد يفهم منها أنها من الآيات التي تدل على صفات الله سبحانه وتعالى، بعضها يحتمل وبعضها ليس من آيات الصفات، مثل هذه الآية {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ} المقصود بالأيد هنا القوة.
الشيخ الخضيري: آد يئيد.
الشيخ الشهري: نعم، في اللغة العربية.
الشيخ الطيار: ومنه قوله:{ودَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ}(سورة ص:17).
الشيخ الشهري: المقصود ذو القوة يعني، وهذا هو معنى الأيد في اللغة أنه بمعنى القوة، ولذلك تقول أيّد فلان فلانا بمعنى أنه قواه، وتقول هل تؤيدني في هذا؟ يعني بمعنى هل يكون رأيك مع رأيي في هذا الموضوع فيقوى به.
الشيخ الطيار: وفي القرآن {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(سورة البقرة:87).
الشيخ الشهري: وأيدناه يعني وقويناه، فهذه الآية ليست من آيات الصفات، لا تدل على اليد، يعني لا تدل على صفة اليد لله سبحانه وتعالى، وإنما صفة اليد تؤخذ من نصوص أخرى.
الشيخ الخضيري: فليس تأويلها أو تفسيرها بالقوة تأويلا.
الشيخ الشهري: ليس تأويلا وتحريفا للكلام.
الشيخ الخضيري: وليست من آيات الصفات أصلا، والعجيب أنهم ذكروا أن الصحابة كتبوها بصوره مغايرة للصورة المعهودة للمغايرة بين جمع اليد وبين هذا المصدر، فجعلوها بياءين.
الشيخ الطيار: نعم، بسنتين.
الشيخ الخضيري: ولذلك لعل الأخوة المشاهدون يلاحظون فيه ياء أخرى زائدة.
الشيخ الطيار: مو موضوع عليها دائرة إشارة على أنها زائدة.
الشيخ الخضيري: دلالة على أنها لا تنطق.
الشيخ الشهري: لا تنطق، يعني أنت تقول بأيد ولا تقول بأييد.
الشيخ الطيار: وهذا يدل على أيضا مسألة سبق أن ذكرناها في سورة العنكبوت { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ }(سورة العنكبوت:49) أن القرآن الأصل فيه المحفوظ وليس المرسوم، ولذلك لا نجد أحدا أبدا من القراء بل ولا من المسنين يقرأها كما ذكر أبو عبد الله بأييد هكذا، لا أحد يقرأها هكذا وإنما يقرأها بأيد. اهــ
لو كان بأيد جمع يد لقال تعالى بأيدينا كما في قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا
قال تعالى : واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد.
داود عليه السلام ليس له أكثر من يدين فلفظ أيد ليس بيد قطعا و الاية معناها ذا القوة فهذه هنا فسرت الاخرى هناك ، الشريعة تؤخد بجميعها لا ببعضها.
ثالثا الإجماع على أن لله يدان تليقان به عز و جل:
قال ابو زيد القيرواني رحمه الله في كتابه الجامع في السنن و الآداب و المغازي و التاريخ ص 107:فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة ...... و أن يديه مبسوطتان و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه. اهــ
http://www.way2jannah.com/vb/showthread.php?t=5969
و في "الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة الحافظ علي بن محمد بن عبدالملك الفاسي المكنى بأبي الحسن ويلقب بابن القطان :
89 وأجمعوا أن لله يدين مبسوطتين
90 وأجمعوا ان الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه من غير أن تكون جوارح.اهــ
قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني في منظومته الحائية : وَقَـدْ يُنكِـرُ الجَهْمِيُّ أَيضًا يَمِيْنَـهُ * وَكِلْتَا يَدَيْـهِ بالفواضِـلِ تَنْضَـحُ.
بعد ان اتم الآجري القصيدة نقلا عن أبي بكر قال : ثم قال لنا أبو بكر ابن أبي داود: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل، وقول من أدركنا من أهل العلم ومن لم ندرك ممّن بلغنا عنه. فمن قال علي غير هذا فقد كذب.
وقال ابن شاهين: قال أبو بكر ابن أبي داود رحمه الله: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل رحمه الله، وقول من أدركنا من أهل العلم وقول ممن لم ندرك ممن بلغنا قوله. فمن قال علي غير هذا فقد كذب.
وقال ابن البناء: قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني: هذا مذهب أحمد بن حنبل ومذهبي ومذهب أبي رحمهم الله وإيانا.
وقال ابن أبي يعلى: قال ابن بطة: قال أبو بكر بن أبي داود: هذا قولي، وقول أبي، وقول أحمد بن حنبل، وقول من أدركنا من أهل العلم، ومن لم ندرك ممن بلغنا عنه، فمن قال غير هذا فقد كذب.
قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه. ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه. [الفقه الأبسط ص56]
قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]
قال الإمام أبو حنيفة: ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأنَّ فيه إبطال صفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال. [الفقه الأكبر ص302]
قال الذهبي في السير في ترجمة أبو بكر الإسماعيلي الإمام الحافظ الحجة الفقيه رحمه الله (ولد سنة 277 هــ) : أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن الفراء ، أخبرنا الشيخ موفق الدين عبد الله ، أخبرنا مسعود بن عبد الواحد ، أخبرنا صاعد بن سيار ، أخبرنا علي ابن محمد الجرجاني ، أخبرنا حمزة بن يوسف ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال : اعلموا - رحمكم الله - أن مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وقبول ما نطق به كتاب الله ، وما صحت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا معدل عن ذلك . ويعتقدون بأن الله مدعو بأسمائه الحسنى ، وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها نبيه ، خلق آدم بيديه ، ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف ، واستوى على العرش بلا كيف ، وذكر سائر الاعتقاد . اهــ
و قال في ترجمة أبي ذَرّ الهَرَوِيّ رحمه الله (ولد سنة 356 هــ) : هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان ، وبالحضرة رءوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع ، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية ، وكان يرد على الكرامية ، وينصر الحنابلة عليهم ، وبينه وبين أهل الحديث عامر ، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة ، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام ، وقد ألف كتابا سماه : "الإبانة" ، يقول فيه : فإن قيل : فما الدليل على أن لله وجها ويدا ؟ قال : قوله : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ وقوله : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فأثبت - تعالى - لنفسه وجها ويدا ... إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان ؟ قيل : معاذ الله ! بل هو مستوٍ على عرشه كما أخبر في كتابه اهــ
و قال في ترجمة الخطيب البغدادي رحمه الله (ولد سنة 392 هــ) : أخبرنا أبو علي بن الخلال ، أخبرنا أبو الفضل الهمداني ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني ، حدثنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال : أما الكلام في الصفات ، فإن ما روي منها في السنن الصحاح ، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ، ونفي الكيفية والتشبيه عنها ، وقد نفاها قوم ، فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم من المثبتين ، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف ، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ، ودين الله ءتعالىء بين الغالي فيه والمقصر عنه . والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله ، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف .
فإذا قلنا : لله يد وسمع وبصر ، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ، ولا نقول : إن معنى اليد القدرة ، ولا إن معنى السمع والبصر العلم ، ولا نقول : إنها جوارح . ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ، ونقول : إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ . اهــ
و صلى الله و سلم على نبينا محمد.
المصدر : مختصر الادلة في اثبات صفة اليد لله عز وجل - عبد الكريم بن عبد الرحمن
No comments:
Post a Comment