بسم الله الرحمن الرحيم
الشُّبْهَةُ العَاشِرَةُ
قالَ النَّسفي في قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] أي: من ملكوته في السَّماءِ؛ لأنَّها مسكنُ ملائكتهِ، ومنها منزلُ قضاياه وكتبهِ وأوامرهِ ونواهيهِ، فكأنَّهُ قالَ: أأمنتم خالقَ السَّماءِ وملكَهُ؛ أو لأنَّهم [أي المشركين] كانوا يعتقدونَ التَّشبيهَ، وأنَّه في السَّماء، وأنَّ الرحمةَ والعذابَ ينزلانِ منهُ؛ فقيل لهمْ على حسبِ اعتقادهم: أأمنتمْ منْ تزعمونَ أنَّه في السَّماءِ وهو متعالٍ عَنِ المكانِ[513].
أقولُ وبالله التوفيق: هذا تحريفٌ لكتابِ الله تعالى؛ فقدْ حرَّف هذهِ الآيةَ بتحريفينِ فاضحينِ:
أمَّا التَّحريفُ الأوَّلُ: فهوَ تأويلُ قولهِ تعالى: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] بمنْ ملكوتهُ في السَّماءِ، يعني أنَّ الله تعالى ليسَ في السَّماءِ بلْ ملكوتهُ في السَّماءِ، وهذا تحريفٌ محضٌ؛ لأَنَّهُ خارجٌ عنْ لغةِ العربِ ولا يقتضيهِ سياقُ هذهِ الآيةِ البتةَ؛ فإنَّ كلمةَ «من» اسمُ موصولٍ بمعنى «الذي» والمرادُ هوَ الله تعالى وكلمةُ «في» بمعنى «على» و«السَّماء» هو «العلوُّ» فكلُّ ما علا فهو سماء، فكلمةُ «في» ليستْ للظرفيَّةِ، و«السَّماء» ليسَ المرادُ منهَا الفلكَ والجسمَ، بل المرادُ جهة العلوِّ.
فمعنى هذه الآيةِ الكريمةِ عندَ سلفِ هذهِ الأمَّةِ وأئمَّةِ السنةِ: أمَا تخافونَ الله الذي هوَ على السَّماءِ العالي على خلقهِ وفوقَ عبادهِ أنْ يرسلَ عليكمْ حاصبًا، وأنْ يخسفَ بكمُ الأرضَ.
ثمَّ سياقُ هذهِ الآيةِ وكلمةُ «منْ» الموصولةُ، وكلمةُ «يرسل» وكلمةُ «يخسف» معَ كثرةِ تلكَ الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويَّةِ وفطرةِ جميعِ بني آدمَ كلِّها تدلُّ دلالةً قاطعةً على أنَّ تأويلَ النَّسفيِّ لهذهِ الآيةِ تحريفٌ وهميٌ، كما تدلُّ على أنَّ الصحيحَ الحقَّ الصريحَ هو أنَّ الله تعالى في جهةِ العلوِّ فوقَ العالمِ عالٍ على خلقهِ أجمعين.
وأمَّا التَّحريفُ الثاني: وهوَ قولُ النَّسفيِّ: إنَّ هذهِ الآيةَ محمولةٌ على زعمِ المشركينَ من المشبِّهةِ: أنَّ الله تعالى فوقَ السَّماءِ، فقالَ الله تعالى لهم: أنتم أيُّها المشركونَ المشبِّهونَ تعتقدونَ أنَّ الله تعالى في السَّماءِ، فلمَ لا تخافونهُ.
أقولُ: قصدَ النَّسفيُّ أنَّ عقيدةَ كونِ الله تعالى في السَّماءِ، مِنَ العقائدِ الفاسدةِ للمشبِّهةِ المشركينَ، وليستْ هذهِ العقيدةُ مِنَ العقائدِ الصحيحةِ للموحِّدينَ المسلمينَ!!.
وانظرْ أيُّها المسلمُ كيفَ حرَّفَ المصنِّفُ معنى هذهِ الآيةِ!! حتَّى جعلَ العقيدةَ السَّلفيةَ - أي العلوُّ لله تعالى - عقيدةً للمشبِّهةِ المشركينَ، فقدْ حكمَ على عقيدةِ جميعِ الأنبياءِ والمرسلينَ والصَّحابةِ والتَّابعينَ وأئمَّةِ هذا الدِّينِ - وهي عقيدةُ علوِّ الله تعالى على خلقهِ - بأنَّها عقيدةُ المشبِّهةِ المشركينَ.
وقدْ ردَّ عليه علامةُ العراقِ الألوسيُّ المفسِّرُ حيثُ قالَ:
«وقيلَ هو مبنيٌّ على زعمِ العربِ حيثُ كانوا يزعمونَ أنَّهُ سبحانهُ في السَّماءِ؛ فكأنَّهُ قيلَ: أأمنتم منْ تزعمونَ أنَّهُ في السَّماءِ. وهو متعالٍ عَنِ المكانِ!! وهذا في غايةِ السَّخافةِ، فكيفَ يناسبُ بناءُ الكلامِ في مثلِ هذا المقامِ على زعمِ بعضِ الجهلةِ، كما لا يخفى على المنصفِ»[514].
ثمَّ ذكرَ الألوسيُّ عدةَ نصوصٍ لأئمَّةِ الإسلامِ على إقرارِ الصِّفاتِ لله تعالى ولا سيَّما صفةُ العلوِّ لهُ تعالى، وقالَ: «وأئمَّةُ السَّلفِ لم يذهبوا إلى غيرهِ تعالى».
أقولُ: يعني الألوسيُّ: أنَّ معنى الآية عندَ السَّلفِ أأمنتم الله الذي في السَّماءِ أي في العلوِّ، بأنَّ المرادَ منْ قولهِ «من» هو اللهُ تعالى لا غيرُ.
ثمَّ قالَ الألوسيُّ أيضًا: «وحديثُ الجاريةِ منْ أقوى الأدلَّةِ لهم في هذا البابِ، وتأويلهُ بما أوَّلَ بهِ الخلفُ خروجٌ عن دائرةِ الإنصافِ عندَ أولي الألبابِ»[515].
وهذا كلامٌ في غايةِ الإنصافِ لمنْ فهمهُ[516].
قالَ النَّسفي في قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] أي: من ملكوته في السَّماءِ؛ لأنَّها مسكنُ ملائكتهِ، ومنها منزلُ قضاياه وكتبهِ وأوامرهِ ونواهيهِ، فكأنَّهُ قالَ: أأمنتم خالقَ السَّماءِ وملكَهُ؛ أو لأنَّهم [أي المشركين] كانوا يعتقدونَ التَّشبيهَ، وأنَّه في السَّماء، وأنَّ الرحمةَ والعذابَ ينزلانِ منهُ؛ فقيل لهمْ على حسبِ اعتقادهم: أأمنتمْ منْ تزعمونَ أنَّه في السَّماءِ وهو متعالٍ عَنِ المكانِ[513].
أقولُ وبالله التوفيق: هذا تحريفٌ لكتابِ الله تعالى؛ فقدْ حرَّف هذهِ الآيةَ بتحريفينِ فاضحينِ:
أمَّا التَّحريفُ الأوَّلُ: فهوَ تأويلُ قولهِ تعالى: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] بمنْ ملكوتهُ في السَّماءِ، يعني أنَّ الله تعالى ليسَ في السَّماءِ بلْ ملكوتهُ في السَّماءِ، وهذا تحريفٌ محضٌ؛ لأَنَّهُ خارجٌ عنْ لغةِ العربِ ولا يقتضيهِ سياقُ هذهِ الآيةِ البتةَ؛ فإنَّ كلمةَ «من» اسمُ موصولٍ بمعنى «الذي» والمرادُ هوَ الله تعالى وكلمةُ «في» بمعنى «على» و«السَّماء» هو «العلوُّ» فكلُّ ما علا فهو سماء، فكلمةُ «في» ليستْ للظرفيَّةِ، و«السَّماء» ليسَ المرادُ منهَا الفلكَ والجسمَ، بل المرادُ جهة العلوِّ.
فمعنى هذه الآيةِ الكريمةِ عندَ سلفِ هذهِ الأمَّةِ وأئمَّةِ السنةِ: أمَا تخافونَ الله الذي هوَ على السَّماءِ العالي على خلقهِ وفوقَ عبادهِ أنْ يرسلَ عليكمْ حاصبًا، وأنْ يخسفَ بكمُ الأرضَ.
ثمَّ سياقُ هذهِ الآيةِ وكلمةُ «منْ» الموصولةُ، وكلمةُ «يرسل» وكلمةُ «يخسف» معَ كثرةِ تلكَ الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويَّةِ وفطرةِ جميعِ بني آدمَ كلِّها تدلُّ دلالةً قاطعةً على أنَّ تأويلَ النَّسفيِّ لهذهِ الآيةِ تحريفٌ وهميٌ، كما تدلُّ على أنَّ الصحيحَ الحقَّ الصريحَ هو أنَّ الله تعالى في جهةِ العلوِّ فوقَ العالمِ عالٍ على خلقهِ أجمعين.
وأمَّا التَّحريفُ الثاني: وهوَ قولُ النَّسفيِّ: إنَّ هذهِ الآيةَ محمولةٌ على زعمِ المشركينَ من المشبِّهةِ: أنَّ الله تعالى فوقَ السَّماءِ، فقالَ الله تعالى لهم: أنتم أيُّها المشركونَ المشبِّهونَ تعتقدونَ أنَّ الله تعالى في السَّماءِ، فلمَ لا تخافونهُ.
أقولُ: قصدَ النَّسفيُّ أنَّ عقيدةَ كونِ الله تعالى في السَّماءِ، مِنَ العقائدِ الفاسدةِ للمشبِّهةِ المشركينَ، وليستْ هذهِ العقيدةُ مِنَ العقائدِ الصحيحةِ للموحِّدينَ المسلمينَ!!.
وانظرْ أيُّها المسلمُ كيفَ حرَّفَ المصنِّفُ معنى هذهِ الآيةِ!! حتَّى جعلَ العقيدةَ السَّلفيةَ - أي العلوُّ لله تعالى - عقيدةً للمشبِّهةِ المشركينَ، فقدْ حكمَ على عقيدةِ جميعِ الأنبياءِ والمرسلينَ والصَّحابةِ والتَّابعينَ وأئمَّةِ هذا الدِّينِ - وهي عقيدةُ علوِّ الله تعالى على خلقهِ - بأنَّها عقيدةُ المشبِّهةِ المشركينَ.
وقدْ ردَّ عليه علامةُ العراقِ الألوسيُّ المفسِّرُ حيثُ قالَ:
«وقيلَ هو مبنيٌّ على زعمِ العربِ حيثُ كانوا يزعمونَ أنَّهُ سبحانهُ في السَّماءِ؛ فكأنَّهُ قيلَ: أأمنتم منْ تزعمونَ أنَّهُ في السَّماءِ. وهو متعالٍ عَنِ المكانِ!! وهذا في غايةِ السَّخافةِ، فكيفَ يناسبُ بناءُ الكلامِ في مثلِ هذا المقامِ على زعمِ بعضِ الجهلةِ، كما لا يخفى على المنصفِ»[514].
ثمَّ ذكرَ الألوسيُّ عدةَ نصوصٍ لأئمَّةِ الإسلامِ على إقرارِ الصِّفاتِ لله تعالى ولا سيَّما صفةُ العلوِّ لهُ تعالى، وقالَ: «وأئمَّةُ السَّلفِ لم يذهبوا إلى غيرهِ تعالى».
أقولُ: يعني الألوسيُّ: أنَّ معنى الآية عندَ السَّلفِ أأمنتم الله الذي في السَّماءِ أي في العلوِّ، بأنَّ المرادَ منْ قولهِ «من» هو اللهُ تعالى لا غيرُ.
ثمَّ قالَ الألوسيُّ أيضًا: «وحديثُ الجاريةِ منْ أقوى الأدلَّةِ لهم في هذا البابِ، وتأويلهُ بما أوَّلَ بهِ الخلفُ خروجٌ عن دائرةِ الإنصافِ عندَ أولي الألبابِ»[515].
وهذا كلامٌ في غايةِ الإنصافِ لمنْ فهمهُ[516].
No comments:
Post a Comment