Wednesday, July 21, 2010

إن ربه بينه وبين القبلة




بسم الله

الاستواء على العرش
المصدر :بحث استدراكات الشيخ ابن باز على ابن حجر /  د. سليمان بن قاسم العيد
عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه، حتى رئي في وجهه، فقام فحكه بيده، فقال: (( إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض، فقال: أو يفعل هكذا))[1].

قال ابن حجر في سياقه لفوائد الحديث: ((وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته)) [2].
قال الشيخ ابن باز (رحمه الله): ((ليس في الحديث المذكور رد على من أثبت استواء الرب سبحانه على العرش بذاته؛ لأن النصوص من الآيات والأحاديث في إثبات استواء الرب سبحانه على العرش بذاته محكمة قطعية واضحة، لا تحتمل أدنى تأويل، وقد أجمع أهل السنة على الأخذ بها، والإيمان بما دلت عليه على الوجه الذي يليق بالله سبحانه، من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته. وأما قوله في هذا الحديث: "فإن الله قبل وجهه إذا صلى"[3] وفي لفظ "فإن ربه بينه وبين القبلة" فهذا لفظ محتمل يجب أن يفسر بما يوافق النصوص المحكمة، كما قد أشار الإمام ابن عبد البر إلى ذلك، ولا يجوز حمل هذا اللفظ وأشباهه على ما يناقض نصوص الاستواء الذي أثبتته النصوص القطعية المحكمة الصريحة والله أعلم)).


والأدلة التي أشار إليها الشيخ كثيرة في القرآن والسنة، فمن القرآن قوله } الرحمن على العرش استوى{ [4]. وقوله } ثم استوى على العرش{ في ستة مواضع من القرآن[5] . ومن السنة قوله (صلى الله عليه وسلم): ((إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي))[6] .

([1]) كتاب الصلاة، حديث 405 .
([2]) فتح الباري 1/508 .
([3]) أخرجه البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الصلاة، حديث رقم 406 .
([4]) طه، الآية 59 .
([5]) هي: الأعراف، الآية 54، ويونس، الآية 3، والرعد، الآية 2، والفرقان، الآية 4، والحديد، الآية 4 .
([6]) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، حديث رقم 7411 .

-----------------





الشبهة التاسعة ‏‎:‎يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏‎:‎‏ ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل ‏وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه))(1) على نفي العلو.‏

الرد ‏‎:‎
لا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه . ‏
لهذا قال ابن عبد البر تعليقا على الحديث((وقد نزع بهذا الحديث بعض من ذهب مذهب المعتزلة في أن الله عزوجل في ‏كل مكان ,وليس على العرش,وهذا جدل من قائله))(2).‏


وقد رد على الشبهة شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) : ‏
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، ‏وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ ‏أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ . ‏
 

وقال أيضاً (5/672) : ‏
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ ‏مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا ‏مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ ‏


وقال الشيخ ابن عثيمين : ‏
الدليل على أن الله قبل وجه المصلي : ‏
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) . ‏
وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين : ‏
‏1- أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق ‏وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى . ‏
‏2- أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ . اهـ "فتاوى ‏ابن عثيمين" (4/287) .‏

-----------------------
‏(1)رواه البخاري(406و753 و1213و6111) ومسلم(547).‏
‏(2)التمهيد(14/157).‏


No comments:

Post a Comment