بسم الله الرحمن الرحيم
(ينسق لاحقا إن شاء الله)
وفي عقيدة الترمذي قدمت رسائل وألفت مؤلفات .
فهناك رسالتي ماجستير بعنوان : مسائل العقيدة في سنن الترمذي لفهد سليمان الفهيد ويوسف على الطريف في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
وهناك رسالة مطبوعة بإسم (عقيدة أهل السنة والجماعة للإمام الحافظ أبي عيسى الترمذي) لطارق عوض الله
ثانياً : رضا الإمامين على عقيدته .
قال ابن تيمية رحمه الله في الرسالة الحموية : " ونحن نذكر من ألفاظ السلف بأعيانها وألفاظ من نقل مذهبهم إلى غير ذلك من الوجوه بحسب ما يحتمله هذا الموضع ، ما يعلم به مذهبهم " .
ثم ساق نقولات حتى قال : " وروى أيضاً عن أبي عيسى الترمذي قال : هو على العرش كما وصف نفسه في كتابه ، وعلمه وقدرته وسلطانه في كل مكان "
وهذا صريح منه رحمه الله في أن الترمذي رحمه الله على مذهب السلف .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله بعض كلام الترمذي المتقدم واستشهد به في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية مما يدل على رضى ابن القيم عن عقيدة الترمذي وأنه يعده سلفيا وقد عقب رحمه الله بعد سرده لكلام الترمذي مباشرة بقوله : " وكذلك من تأمل تبويب ابن ماجة في السنة والرد على الجهمية في أول كتابه ، وتبويب أبي داود فيما ذكر في الجهمية والقدرية ، وسائر أهل الحديث علم مضمون أقوالهم ، وأنهم كلهم على طريقة واحدة ، وقول واحد ، لكن بعضهم بوب وترجم ، ولم يزد على الحديث غير التراجم والأبواب ، وبعضهم زاد التقرير وإبطال قول المخالف ، وبعضهم سرد الأحاديث ولم يترجم لها ، وليس فيهم من أبطل حقائقها وحرفها عن مواضعها وسمى تحريفها تأويلاً كما فعلت الجهمية ، بل الذي بين أهل الحديث والجهميةأعظم مما بين عسكر الكفر وعسكر الإسلام جعلني الله وإياكم من أهل الحديث وعسكر الإسلام . "
ثالثاً : بيان ما استشكله الخصم من كلام الإمامين والجواب عنه .
استشكل الخصم أن ابن تيمية وتلميذه جعلوا تأويل حديث ( لهبط على الله ) بالعلم من جنس تأويلات الجهمية وهو عنده عين ما فعله الترمذي وعليه فإن الترمذي عند الشيخين جهمي مؤول .
والإجابة عن هذا كالآتي :
1- أن القول بأن الترمذي تبنى هذا التفسير غير صحيح على الأقل عند الشيخين وذلك لأن الترمذي إنما حكى أن بعض العلماء فسره بالعلم فقد قال رحمه الله : " وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه " ولذا عند إيرادهما هذا القول في موطن الاستشكال اكتفيا بحكاية الترمذي للقول ولم ينسباه له قال ابن تيمية : " فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله " وقال ابن القيم في مختصر الصواعق " والذين قبلوا الحديث اختلفوا في معناه ، فحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن المعنى يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ومراده على معلوم الله ومقدوره وملكه ، أي انتهى علمه وقدرته وسلطانه إلى ما تحت التحت ، فلا يعزب عنه شيء. "
2- أن النص المحكي عن ابن القيم إنما هو وارد في مختصر الصواعق للموصلي ص 415 ولذا فإن نسبة هذا المعنى بهذه الصيغة لابن القيم فيه نوع تساهل ولذا وجب على الخصم الرجوع للصواعق نفسها والإتيان بنص ابن القيم المعتمد لأنه قد يحصل في المختصرات أن يختصر المختصر مافهمه من الأصل علاوة على أنها في حكايتها لقول شيخ الإسلام تخالف لفظ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى المثبت في الرسالة العرشية . وهذه النقطة تسقط النص المنسوب لابن القيم .
3- أنّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم يفرقون بين التفسير وبين تأويل الجهمية الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره لغير قرينة موجبة لذلك . ولذلك سماه الترمذي تفسيراً فقال : " وفسره بعض أهل العلم " وهو ما أقره عليه شيخ الإسلام قائلاً : " وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله،." وقال ابن القيم : " قال الترمذي فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما معناه هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه وهذا التفسير الذي ذكره الترمذي يشبه التفسير الذي حكاه البيهقي عن أبي حنيفة رحمه الله في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) “ انظره في حاشية ابن القيم ج: 13 ص: 6 وفي مختصر الصواعق ص 415 عن ابن القيم قال " والذين قبلوا الحديث اختلفوا في معناه ، فحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن المعنى يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ومراده على معلوم الله ومقدوره وملكه ، أي انتهى علمه وقدرته وسلطانه إلى ما تحت التحت فلا يعزب عنه شيء. وقالت طائفة أخرى : بل هذا معنى اسمه المحيط واسمه الباطن ، فإنه سبحانه محيط بالعالم كله ، وأن العالم العلوي والسفلي في قبضته كما قال تعالى ( والله من ورائهم محيط) فإذا كان محيطا بالعالم فهو فوقه بالذات عال عليه من كل وجه وبكل معنى، فإحاطة تتضمن العلو والسعة والعظمة ، فإذا كانت السموات السبع والأرضون السبع في قبضته فلو وقعت حصاة أو أدلي بحبل لسقط في قبضته سبحانه، والحديث لم يقل فيه إنه يهبط على جميع ذاته ، فهذا لايقوله ولايفهمه عاقل ، ولا هو مذهب أحد من أهل الأرض البتة، لاالحلولية ولا الاتحادية ولا الفرعونية ولا القائلون بأنه في كل مكان بذاته ، وطوائف بني آدم كلهم متفقون على أن الله تعالى ليس تحت العالم " انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .
وعليه فإن شيخ الإسلام وتلميذه لا يعدون التفسير الذي نقله الترمذي من جنس تأويلات الجهمية والذي هو التأويل المذموم عندهما . بل المذموم عندهما صرف ظاهر لفظ هذا الحديث إلى العلم بدون قرينة موجبة ، ولذا فإنهما لا يرون مانعا من تفسيره بالعلم لأنه دال على الإحاطة قال ابن تيمية : " بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة " وقال ابن القيم في الصواعق : " بل بتقدير ثبوته ، فإنما يدل على الإحاطة ، والإحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة " ولذا لا تعارض بين من فسره بالعلم أو الإحاطة عندهما .
بل قد أورد ابن القيم رحمه الله في اجتماع الجيوش الإسلامية هذا النص بعينه في سياق نقله ماأثر عن الترمذي في هذا الباب فلو كان في هذا النص من تفسير الحديث بالعلم حرج عند ابن القيم ما أوردها في هذا الموطن فقال رحمه الله :
" قول أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى : قال في جامعه لما ذكر حديث أبي هريرة : ( لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله ) . قال معناه لهبط على علم الله . قال : وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان ، وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه . "
4- هب أنهما ينسبون هذا التفسير للترمذي وأن هذا التفسير عندهما من جنس تأويلات الجهمية وأن تفسيره بالعلم معارض لمعنى الحديث عندهما من الإحاطة فيرفضان هذا التفسير ولا يقبلانه فغاية قولهما أن الترمذي وقع في تأويلات خاطئة تشبه تأويلات الجهمية المذمومة وهذا التعامل الخاطيء المبتدَع مع النصوص بصرفها عن ظاهرها من دون قرينة لا يجعل منه جهمياً عندهما فليس كل من وقع في البدعة مبتدع خاصة وأنه سلفي العقيدة في هذا الباب كما سبق وتبين وأن شيخ الإسلام وتلميذه في غاية الرضا عن عقيدته حتى أنهما يحتجان بها على المخالف ، وهذا كله على فرض ذلك وإلا فإن النقاط من 1-3 تبين خلاف ذلك من أنهما لا ينسبانه للترمذي بل إنهما يقرون تفسيره بالعلم دون تأويله به على وفق منهج الجهمية ويرونه تفسيراً متوافق مع تفسير الحديث بالإحاطة وغير متعارض .
والحمد لله رب العالمين ..
== إضافة من الكاتب الشيخ فيصل ==
بارك الله فيك ودمت لنا مفيداً أخي خالد وسأحفظ هذا المقال المفيد في الجهاز ، لكن العجب من هؤلاء الجهمية الحمقى الذين يصح تماماً أن يقال أن حالهم كحال: ((الباحثة عن حتفها بظلفها!!)) فالترمذي لما ظن أن هذا الحديث قد يفيد بعض الجهمية نفاة العلو القائلين بأن الله في كل مكان نقل هذا التفسير ولم يكتف بهذا بل أثبت علو الله مباشرة رداً على نفيهم له ، فقال: ((وهو على العرش كما وصف في كتابه)) وصنيعه هذا كصنيع إخوانه الأئمة في ردهم على الجهمية كما قال الإمام الحافظ ابن أبي حاتم: نا زكريا بن داود بن بكر (ثقة) سمعت أبا قدامه السرخسي (ثقة) سمعت أبا معاذ البلخي الفقيه يقول: ((كان جهم معبر ترمذ ..قال الجهم: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء)) فقال أبو معاذ: ((كذ ب عدو الله بل الله على العرش)) وفي رواية(( إن الله في السماء على عرشه كما وصف نفسه))
وروي من طريق ابن خزيمه قال سمعت أبا قدامة وسنده صحيح إلى أبي معاذ الفقيه
وأخرج أحمد في مسنده (6/457) وعبد الله بن أحمد في السنة(1/117-118) والخلال في السنة (5/91 و 5/127) وابن أبي حاتم في الرد على الجهمية (العلو2/970) والأثرم كما رواه عنه ابن قدامة في العلو(ص118) وغيرهم
عن الإمام الحافظ حماد بن زيد أحد تابعي التابعين أنه قال: ((إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله –يعني الجهمية-)) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، والأثر صحيح ثابت.
وقد روي عن شيخه التابعي أيوب السختياني وذكر المعتزلة فقال: ((إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء)) رواه الذهبي في السير(6/24) والعلو (ص914) وقال: ((هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم))
وروى ابن أبي حاتم بسند حسن عن جرير بن عبد الحميد الإمام الحافظ المتوفى سنة 188هـ قال: كلام الجهمية أوله عسل وآخر سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. العلو برقم 360 والأربعين ص94 والدرء (6/265)
والآثار كثيرة جداً كما لا يخفاكم فظهر أن هؤلاء الجهمية ينقلون نصاً هم أصلاً يضللون به صاحبه!!!
(ينسق لاحقا إن شاء الله)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا موضوع قديم كتبته واستفدته من الشيخ عبد الرحمن الفقيه الغامدي في منتدى أهل الحديث وبعض الأخوة مع ترتيبه وزيادة بعض المباحث أسأل الله أن ينفع به ..
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
الرد على الزعم القائل بأن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يعدون الترمذي جهمياً
1- النص الذي علق عليه الشيخ وتلميذه .
2- نص كلام ابن تيمية وابن القيم الذي ادعاه الخصم
3- الجواب عن هذا الكلام المستشكل من قبل الخصم ويشتمل :
أ- عقيدة الإمام الترمذي
ب- رضا الإمامين على عقيدته
ج- بيان ما استشكله الخصم من كلام الإمامين والجواب عنه .
النص الذي علق عليه الشيخ وتلميذه .
قال الترمذي في جامعة في كتاب تفسير القران باب ومن سورة الحديد رقم الحديث( 3298 ) 4/403
حدثنا عبد بن حميد , وغير واحد قالوا : حدثنا يونس بن محمد . حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة . حدثنا الحسن عن ابي هريرة قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه، ثم قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف. ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بينكم وبينها خمسمائة سنة، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدد سبع سموات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الأرض ثم قال : هل تدرون ما تحت ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله، ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} "
قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ويروي عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه
نص كلام ابن تيمية وابن القيم الذي ادعاه الخصم
1- قول ابن تيمية في الرسالة العرشية كما في مجموع الفتاوى(6/574)
" ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]. وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله، وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل، وهو أنه حال بذاته في كل مكان، وأن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.
والتحقيق : أن الحديث لا يدل على شىء من ذلك إن كان ثابتًا، فإن قوله: (لو أدلى بحبل لهبط) يدل على أنه ليس في المدلى ولا في الحبل، ولا في الدلو ولا في غير ذلك، وإنها تقتضي أنه من تلك الناحية، وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد، من جنس تأويلات الجهمية، بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة. " انتهى.
2- كلام ابن القيم المنسوب إليه :
ذكروا أن ابن القيم قال في الصواعق ص 400
" فقوله ( لو دليتم بحبل لهبط على الله ) اذا هبط في قبضته المحيطة بالعالم فقد هبط عليه والعالم في قبضته وهو فوق عرشه , ولو ان احدنا امسك بيده او برجله كرة قبضتها يده من جميع جوانبها ثم وقعت حصاة من اعلى الكرة الى اسفلها لوقعت في يده وهبطت عليه , ولم يلزم من ذلك ان تكون الكرة والحصاة فوقه وهو تحتها , ولله المثل الاعلى وانما يؤتى الرجل من سوء فهمه او من سوء قصد من كليهما , فاذا هما اجتمعا كمل نصيبه من الضلال
واما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا : هو ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير ثبوته , فانما يدل على الاحاطة , والاحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة .. "
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
الرد على الزعم القائل بأن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يعدون الترمذي جهمياً
1- النص الذي علق عليه الشيخ وتلميذه .
2- نص كلام ابن تيمية وابن القيم الذي ادعاه الخصم
3- الجواب عن هذا الكلام المستشكل من قبل الخصم ويشتمل :
أ- عقيدة الإمام الترمذي
ب- رضا الإمامين على عقيدته
ج- بيان ما استشكله الخصم من كلام الإمامين والجواب عنه .
النص الذي علق عليه الشيخ وتلميذه .
قال الترمذي في جامعة في كتاب تفسير القران باب ومن سورة الحديد رقم الحديث( 3298 ) 4/403
حدثنا عبد بن حميد , وغير واحد قالوا : حدثنا يونس بن محمد . حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة . حدثنا الحسن عن ابي هريرة قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه، ثم قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف. ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بينكم وبينها خمسمائة سنة، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدد سبع سموات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الأرض ثم قال : هل تدرون ما تحت ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله، ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} "
قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ويروي عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه
نص كلام ابن تيمية وابن القيم الذي ادعاه الخصم
1- قول ابن تيمية في الرسالة العرشية كما في مجموع الفتاوى(6/574)
" ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]. وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله، وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل، وهو أنه حال بذاته في كل مكان، وأن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.
والتحقيق : أن الحديث لا يدل على شىء من ذلك إن كان ثابتًا، فإن قوله: (لو أدلى بحبل لهبط) يدل على أنه ليس في المدلى ولا في الحبل، ولا في الدلو ولا في غير ذلك، وإنها تقتضي أنه من تلك الناحية، وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد، من جنس تأويلات الجهمية، بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة. " انتهى.
2- كلام ابن القيم المنسوب إليه :
ذكروا أن ابن القيم قال في الصواعق ص 400
" فقوله ( لو دليتم بحبل لهبط على الله ) اذا هبط في قبضته المحيطة بالعالم فقد هبط عليه والعالم في قبضته وهو فوق عرشه , ولو ان احدنا امسك بيده او برجله كرة قبضتها يده من جميع جوانبها ثم وقعت حصاة من اعلى الكرة الى اسفلها لوقعت في يده وهبطت عليه , ولم يلزم من ذلك ان تكون الكرة والحصاة فوقه وهو تحتها , ولله المثل الاعلى وانما يؤتى الرجل من سوء فهمه او من سوء قصد من كليهما , فاذا هما اجتمعا كمل نصيبه من الضلال
واما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا : هو ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير ثبوته , فانما يدل على الاحاطة , والاحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة .. "
الجواب عن هذا الكلام المستشكل من قبل الخصم
أولاً : عقيدة الإمام الترمذي .
مما لا شك فيه لكل مطلع منصف أن عقيدة الإمام الترمذي هي عينها عقيدة ابن تيمية وابن القيم ولا ينفي هذا إلا من لم يطلع على كلام الترمذي أو كان قد عرف الحق وكتمه مكابرةً وتعصباً .
قال الإمام الترمذي رحمه الله في الجامع(3/50-51)
(662)حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عباد بن منصور حدثنا القاسم بن محمد قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات و يمحق الله الربا ويربي الصدقات) .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف ، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه ، وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة ، و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
مما لا شك فيه لكل مطلع منصف أن عقيدة الإمام الترمذي هي عينها عقيدة ابن تيمية وابن القيم ولا ينفي هذا إلا من لم يطلع على كلام الترمذي أو كان قد عرف الحق وكتمه مكابرةً وتعصباً .
قال الإمام الترمذي رحمه الله في الجامع(3/50-51)
(662)حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عباد بن منصور حدثنا القاسم بن محمد قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات و يمحق الله الربا ويربي الصدقات) .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف ، هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه ، وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة ، و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وفي عقيدة الترمذي قدمت رسائل وألفت مؤلفات .
فهناك رسالتي ماجستير بعنوان : مسائل العقيدة في سنن الترمذي لفهد سليمان الفهيد ويوسف على الطريف في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
وهناك رسالة مطبوعة بإسم (عقيدة أهل السنة والجماعة للإمام الحافظ أبي عيسى الترمذي) لطارق عوض الله
ثانياً : رضا الإمامين على عقيدته .
قال ابن تيمية رحمه الله في الرسالة الحموية : " ونحن نذكر من ألفاظ السلف بأعيانها وألفاظ من نقل مذهبهم إلى غير ذلك من الوجوه بحسب ما يحتمله هذا الموضع ، ما يعلم به مذهبهم " .
ثم ساق نقولات حتى قال : " وروى أيضاً عن أبي عيسى الترمذي قال : هو على العرش كما وصف نفسه في كتابه ، وعلمه وقدرته وسلطانه في كل مكان "
وهذا صريح منه رحمه الله في أن الترمذي رحمه الله على مذهب السلف .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله بعض كلام الترمذي المتقدم واستشهد به في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية مما يدل على رضى ابن القيم عن عقيدة الترمذي وأنه يعده سلفيا وقد عقب رحمه الله بعد سرده لكلام الترمذي مباشرة بقوله : " وكذلك من تأمل تبويب ابن ماجة في السنة والرد على الجهمية في أول كتابه ، وتبويب أبي داود فيما ذكر في الجهمية والقدرية ، وسائر أهل الحديث علم مضمون أقوالهم ، وأنهم كلهم على طريقة واحدة ، وقول واحد ، لكن بعضهم بوب وترجم ، ولم يزد على الحديث غير التراجم والأبواب ، وبعضهم زاد التقرير وإبطال قول المخالف ، وبعضهم سرد الأحاديث ولم يترجم لها ، وليس فيهم من أبطل حقائقها وحرفها عن مواضعها وسمى تحريفها تأويلاً كما فعلت الجهمية ، بل الذي بين أهل الحديث والجهميةأعظم مما بين عسكر الكفر وعسكر الإسلام جعلني الله وإياكم من أهل الحديث وعسكر الإسلام . "
ثالثاً : بيان ما استشكله الخصم من كلام الإمامين والجواب عنه .
استشكل الخصم أن ابن تيمية وتلميذه جعلوا تأويل حديث ( لهبط على الله ) بالعلم من جنس تأويلات الجهمية وهو عنده عين ما فعله الترمذي وعليه فإن الترمذي عند الشيخين جهمي مؤول .
والإجابة عن هذا كالآتي :
1- أن القول بأن الترمذي تبنى هذا التفسير غير صحيح على الأقل عند الشيخين وذلك لأن الترمذي إنما حكى أن بعض العلماء فسره بالعلم فقد قال رحمه الله : " وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه " ولذا عند إيرادهما هذا القول في موطن الاستشكال اكتفيا بحكاية الترمذي للقول ولم ينسباه له قال ابن تيمية : " فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله " وقال ابن القيم في مختصر الصواعق " والذين قبلوا الحديث اختلفوا في معناه ، فحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن المعنى يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ومراده على معلوم الله ومقدوره وملكه ، أي انتهى علمه وقدرته وسلطانه إلى ما تحت التحت ، فلا يعزب عنه شيء. "
2- أن النص المحكي عن ابن القيم إنما هو وارد في مختصر الصواعق للموصلي ص 415 ولذا فإن نسبة هذا المعنى بهذه الصيغة لابن القيم فيه نوع تساهل ولذا وجب على الخصم الرجوع للصواعق نفسها والإتيان بنص ابن القيم المعتمد لأنه قد يحصل في المختصرات أن يختصر المختصر مافهمه من الأصل علاوة على أنها في حكايتها لقول شيخ الإسلام تخالف لفظ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى المثبت في الرسالة العرشية . وهذه النقطة تسقط النص المنسوب لابن القيم .
3- أنّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم يفرقون بين التفسير وبين تأويل الجهمية الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره لغير قرينة موجبة لذلك . ولذلك سماه الترمذي تفسيراً فقال : " وفسره بعض أهل العلم " وهو ما أقره عليه شيخ الإسلام قائلاً : " وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله،." وقال ابن القيم : " قال الترمذي فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما معناه هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه وهذا التفسير الذي ذكره الترمذي يشبه التفسير الذي حكاه البيهقي عن أبي حنيفة رحمه الله في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) “ انظره في حاشية ابن القيم ج: 13 ص: 6 وفي مختصر الصواعق ص 415 عن ابن القيم قال " والذين قبلوا الحديث اختلفوا في معناه ، فحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن المعنى يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ومراده على معلوم الله ومقدوره وملكه ، أي انتهى علمه وقدرته وسلطانه إلى ما تحت التحت فلا يعزب عنه شيء. وقالت طائفة أخرى : بل هذا معنى اسمه المحيط واسمه الباطن ، فإنه سبحانه محيط بالعالم كله ، وأن العالم العلوي والسفلي في قبضته كما قال تعالى ( والله من ورائهم محيط) فإذا كان محيطا بالعالم فهو فوقه بالذات عال عليه من كل وجه وبكل معنى، فإحاطة تتضمن العلو والسعة والعظمة ، فإذا كانت السموات السبع والأرضون السبع في قبضته فلو وقعت حصاة أو أدلي بحبل لسقط في قبضته سبحانه، والحديث لم يقل فيه إنه يهبط على جميع ذاته ، فهذا لايقوله ولايفهمه عاقل ، ولا هو مذهب أحد من أهل الأرض البتة، لاالحلولية ولا الاتحادية ولا الفرعونية ولا القائلون بأنه في كل مكان بذاته ، وطوائف بني آدم كلهم متفقون على أن الله تعالى ليس تحت العالم " انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .
وعليه فإن شيخ الإسلام وتلميذه لا يعدون التفسير الذي نقله الترمذي من جنس تأويلات الجهمية والذي هو التأويل المذموم عندهما . بل المذموم عندهما صرف ظاهر لفظ هذا الحديث إلى العلم بدون قرينة موجبة ، ولذا فإنهما لا يرون مانعا من تفسيره بالعلم لأنه دال على الإحاطة قال ابن تيمية : " بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة " وقال ابن القيم في الصواعق : " بل بتقدير ثبوته ، فإنما يدل على الإحاطة ، والإحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة " ولذا لا تعارض بين من فسره بالعلم أو الإحاطة عندهما .
بل قد أورد ابن القيم رحمه الله في اجتماع الجيوش الإسلامية هذا النص بعينه في سياق نقله ماأثر عن الترمذي في هذا الباب فلو كان في هذا النص من تفسير الحديث بالعلم حرج عند ابن القيم ما أوردها في هذا الموطن فقال رحمه الله :
" قول أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى : قال في جامعه لما ذكر حديث أبي هريرة : ( لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله ) . قال معناه لهبط على علم الله . قال : وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان ، وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه . "
4- هب أنهما ينسبون هذا التفسير للترمذي وأن هذا التفسير عندهما من جنس تأويلات الجهمية وأن تفسيره بالعلم معارض لمعنى الحديث عندهما من الإحاطة فيرفضان هذا التفسير ولا يقبلانه فغاية قولهما أن الترمذي وقع في تأويلات خاطئة تشبه تأويلات الجهمية المذمومة وهذا التعامل الخاطيء المبتدَع مع النصوص بصرفها عن ظاهرها من دون قرينة لا يجعل منه جهمياً عندهما فليس كل من وقع في البدعة مبتدع خاصة وأنه سلفي العقيدة في هذا الباب كما سبق وتبين وأن شيخ الإسلام وتلميذه في غاية الرضا عن عقيدته حتى أنهما يحتجان بها على المخالف ، وهذا كله على فرض ذلك وإلا فإن النقاط من 1-3 تبين خلاف ذلك من أنهما لا ينسبانه للترمذي بل إنهما يقرون تفسيره بالعلم دون تأويله به على وفق منهج الجهمية ويرونه تفسيراً متوافق مع تفسير الحديث بالإحاطة وغير متعارض .
والحمد لله رب العالمين ..
== إضافة من الكاتب الشيخ فيصل ==
بارك الله فيك ودمت لنا مفيداً أخي خالد وسأحفظ هذا المقال المفيد في الجهاز ، لكن العجب من هؤلاء الجهمية الحمقى الذين يصح تماماً أن يقال أن حالهم كحال: ((الباحثة عن حتفها بظلفها!!)) فالترمذي لما ظن أن هذا الحديث قد يفيد بعض الجهمية نفاة العلو القائلين بأن الله في كل مكان نقل هذا التفسير ولم يكتف بهذا بل أثبت علو الله مباشرة رداً على نفيهم له ، فقال: ((وهو على العرش كما وصف في كتابه)) وصنيعه هذا كصنيع إخوانه الأئمة في ردهم على الجهمية كما قال الإمام الحافظ ابن أبي حاتم: نا زكريا بن داود بن بكر (ثقة) سمعت أبا قدامه السرخسي (ثقة) سمعت أبا معاذ البلخي الفقيه يقول: ((كان جهم معبر ترمذ ..قال الجهم: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء)) فقال أبو معاذ: ((كذ ب عدو الله بل الله على العرش)) وفي رواية(( إن الله في السماء على عرشه كما وصف نفسه))
وروي من طريق ابن خزيمه قال سمعت أبا قدامة وسنده صحيح إلى أبي معاذ الفقيه
وأخرج أحمد في مسنده (6/457) وعبد الله بن أحمد في السنة(1/117-118) والخلال في السنة (5/91 و 5/127) وابن أبي حاتم في الرد على الجهمية (العلو2/970) والأثرم كما رواه عنه ابن قدامة في العلو(ص118) وغيرهم
عن الإمام الحافظ حماد بن زيد أحد تابعي التابعين أنه قال: ((إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله –يعني الجهمية-)) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، والأثر صحيح ثابت.
وقد روي عن شيخه التابعي أيوب السختياني وذكر المعتزلة فقال: ((إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء)) رواه الذهبي في السير(6/24) والعلو (ص914) وقال: ((هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم))
وروى ابن أبي حاتم بسند حسن عن جرير بن عبد الحميد الإمام الحافظ المتوفى سنة 188هـ قال: كلام الجهمية أوله عسل وآخر سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. العلو برقم 360 والأربعين ص94 والدرء (6/265)
والآثار كثيرة جداً كما لا يخفاكم فظهر أن هؤلاء الجهمية ينقلون نصاً هم أصلاً يضللون به صاحبه!!!
No comments:
Post a Comment