كشف المناهج الخفية و بيان المناهج الشرعية
من قضايا العقيدة الإسلامية
الأسباب الحقيقة لمطاعن السقاف في الأشعري وقدماء أصحابه؟
كتبه
مُخْتَار الْأَخْضَر طَيبَاويّ
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا يطعن السقاف في الأشعري وقدماء أصحابه؟
تنبيه:
هذه الرسالة كنت قد كتبتها ـ العام الفائت ـ لبعض الأشاعرة ـ عندنا ـ الذين غرّهم السقاف، وصاروا يستشهدون بكلامه، ويروجون له في الأوساط الأشعرية المعادية للمعتزلة و الرافضة!
المقدمة:
الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.
أما بعد،فقد ظهر مؤخرا من يريد التّشبيه على أهل السنة في عقائدهم، مستعملا شتى الوسائل، و أكثرها قذارة، كالكذب على الأئمة ،و الطعن في ديانتهم ومنزلتهم العلمية، وهو المدعو: حسن بن علوي السقاف، ومن سلك سبيله من الشيعة الرافضة المندسين .
ولكن ما هو أخطر من ذلك بكثير أن يقوم بعض من ينتسب إلى المذهب الأشعري، و يزعم أنه يدافع عن هذا المذهب، وعن أئمته، وأنه يعظم كسلفه أصول السنة كـ (الصحيحين) بالتّرويج لفكر السقاف و شبهاته في الأوساط الأشعرية!
فهذا الأمر في غاية الخطورة ،يجب أن يتنبه إليه فضلاء أهل العلم و طلبته في هذه البلاد، فإن من المروجين لضلالات السقاف من لهم منابر في الصحف و الجرائد، وقد بثوا سمومهم في الناس.
فهذا كشف لجنايات السقاف على الأئمة الأشعرية، و خاصة على أبي الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ لعل بعضهم يستفيق من غفلته، و يعرف أنه قد اندس بين صفوفهم معتزلة ـ إن لم يكونوا على مذهب أسوأ بكثيرـ.
ومما يدلك على أن الأشاعرة ينفرون من مخالفة الأشعري أشد النفور ،خاصة المغاربة منهم ،ما نقله السبكي في" الطبقات"{192/5} في ترجمة أبي المعالي الجويني ،قال:
" و ربما خالف الأشعري و أتى بعبارة عالية على عادة فصاحته تأدية نظره و اجتهاده، فلا تحتمل المغاربة أن يقال مثلها في حق الأشعري"[1].
قلت : هذا في مخالف للأشعري، هو إمام من أئمتهم، مثل: إمام الحرمين، فما بالك بمعتزلي كالسقاف يطعن في عقيدتهم و أئمتهم، و يدعوهم ليصيروا معتزلة؟!
1 ـ يصف السقاف الأشعرية بالحيرة و الاضطراب في معرفة مذهبهم، ومعرفة عقيدة صاحب مذهبهم، و أنهم في الحقيقة لا يعرفون عقيدة الأشعري جيدا، فهو في واد،وهم في واد، و أن الأشعري ليس إماما جليلا كما يظنون !
قال السقاف في"الإبانة"{ص:5}:"فكتاب الإبانة لغز احتار أصحابنا الأشاعرة المنزهة بما فيه من الأفكار،ويكمن اللغز في أنهم يظنون بل يتوهمون أن الأشعري كان يقول بما يقولون به! و أنه إمام جليل صاحب مذهب التنزيه الذي عليه المتأخرون من المنزهة الأشعرية"
2 ـ زعم السقاف أن الأشعرية ليسوا أتباع أبي الحسن الأشعري، بل هم في الحقيقة أتباع أبي حامد الغزالي، و أن الغزالي أسس "لفق" لهم مذهبا معتدلا ما بين طوائف أهل السنة، لأن كلام الأشعري مدخل في قول المجسمة و المشبهة[2] و أن كتاب الإبانة فيه من الفظائع الشيء الكثير، و أن القطعة التي نقلها الحافظ ابن عساكر من " الإبانة" في كتابه( تبيين كذب المفتري) تثبت بأنه كان يقول بتلك الطامات و البليات"{ الإبانة ص:6}.
3 ـ جعل السقاف في (الإبانة){ص:19} عملية الدنو من مذهب المعتزلة دليلا على النضج و الفهم، فنقل عن السبكي قوله في"الطبقات الكبرى"{386/3} أثناء حديثه عن الكسب و الاختيار:
" ولإمام الحرمين و الغزالي مذهب يزيد على المذهبين جميعا،ويدنو كل الدنو من الاعتزال، و ليس هو هو".
فلم يفرق بين الإخبار و المدح، فجعل إخبار السبكي مدحا لمذهب المعتزلة، لأنه سبق له و أن دعى الأشاعرة عن بكرة أبيهم إلى الالتحاق بمذهب المعتزلة و اعتناقه، قال في مقدمة( العلو للعلي الغفار للذهبي){ص:14}:
" كما ينبغي لهم أن يعرفوا عدوهم من صديقهم!! و أن يدركوا بأن مذهب آل البيت و المعتزلة وغيرهم[يقصد الرافضة] أقرب إليهم من مذهب المتسلفين المجسمة و المشبهة الذين منهم الحنابلة أمثال ابن تيمية و أتباعه".
ويعلم الأشاعرة كافة أن كل كتبهم بدون استثناء قامت على مناصبة العداء و الخصومة للمعتزلة ، خاصة كتب القدماء منهم كلها ذم للمعتزلة، و تشهير بهم، و تقبيح لفكرهم ومعتقدهم.
4 ـ زعم السقاف أن الأشاعرة مخالفون للأشعري، و أنه هو لا يعول على مقولاته، لأن الأقوال الاعتقادية الفاسدة ثابتة عنه في كتابيه(الإبانة) و ( المقالات).
ولما حاول شيخه زاهد الكوثري[3] عدم إثارة حافظة الأشاعرة بسبب بعض الألفاظ التي أطلقها في حق الأشعري من خلال نسبة التحريف إلى كتاب (الإبانة) قال السقاف{ص:8}:
" فهذه النصوص التي قالها العلامة الكوثري لا تنفي تورط الأشعري بالعقائد الفاسدة و إنما فيها أن الطبعة الهندية كان فيها تحريف و أما تلاحق أقلام الحشوية بالتصرف فيها فلا دليل عليه".
5 ـ يشكّك السقاف ـ كما هي عادته ـ في منزلة الأشعري في علم الكلام خصوصا، و في الفهم عموما، بتشكيكات تدل على ضعف عقله، و أنه يرد على خصمه بكل ما يقع تحت يديه، ولو كان هباء منبثا قائلا (الإبانة ص:12):
" فهل كان هو بذلك المستوى العقلي حتى يكون ممن لا يستطيع أن يكتشف ضلال أو خطأ مذهب المعتزلة أربعين سنة؟!"[4]
ثم يضيف قائلا:
" المفترض من الإمام الذكي أن يكتشف الضلال أو الخطأ من أول الجلسات أو خلال أشهر أو على الأكثر سنة! لا أن تجري عليه أربعون سنة صم يصور مذهب المعتزلة في الإبانة و المقالات بغير صورته الحقيقية و يتقوّل عليهم أنواع الفرى وهم برءاء منها!".
قلت: إلزامات السقاف تلزم الأشعري ـ رحمه الله ـ لو أنه خرج من بطن أمه عالما نحريرا، بمجرد مجالسة المعتزلة يكتشف عوار قولهم، وخبل عقولهم!
أما و إنه كسائر الناس لا يبدأ بالتعلم إلا عندما يبلغ رشده خاصة المسائل العقلية، فهذا الإلزام غير لازم له.
فكم من عالم بقي على مذهب مدة ليست بالقصيرة، ثم تحول عنه، فإن ترك المألوف ، و ما ينشأ عليه المرء عسر على أكثر الخلق إلا الأقوياء منهم.
ومما يدل على عدم ذكاء السقاف أنه لازال حتى يومنا هذا على مذهب الاعتزال، وهو مذهب كله تناقضات، و شنائع، وترهات إلا اليسير منه، و قد أجمع أئمة السنة قاطبة على ذم المعتزلة، و أنهم طائفة ضالة.
و من الفريات التي نقلها الأشعري عن المعتزلة ـ حسب زعم السقاف ـ أنهم يقولون:
" إن الله في كل مكان حتى في الحشوش و الأخلية، و أنهم ينكرون عذاب القبر"{ص:12 هامش}.
قلت:هم و إن لم يصرحوا بذلك لشناعته إلا أنه لازم لهم، ومتى كان اللازم ظاهرا جليا غير خاف على قائله ألزم به.
فمذهب المعتزلة أن الله سبحانه لا داخل العالم، و لا خارجه، لا متصل به، ولا منفصل عنه، ومنهم من يقول: هو بكل مكان بذاته ، ولفظة" كل مكان" تعم الحشوش و الأخلية .
أما إنكار عذاب القبر فهو مشهور عن بعضهم، وليس كل أئمتهم يقولون به، ولكنه في الأخير من أقوال المعتزلة،قال ابن حزم في ( الفصل في الملل){437/1}:
" ذهب ضرار بن عمرو الغطفاني أحد شيوخ المعتزلة إلى إنكار عذاب القبر، وهو قول من لقينا من الخوارج، وذهب أهل السنة وبشر بن المعتمر والجبائي وسائر المعتزلة إلى القول به وبه نقول لصحة الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به".
6 ـ كذلك من الوسائل الحقيرة التي يستعملها السقاف لإنكار إمامة الأشعري اختلاف تواريخ الميلاد و الوفاة، وهذه المسألة ـ تقريبا ـ لم ينجو منها كبار الأئمة كما يعرفه من يطالع كتب التراجم.
وهي لا تعني أن من اختلفوا في تاريخ ميلاده أو وفاته لم يكن إماما مشهورا، فقد اختلف في تاريخ وفاة مالك و الشافعي و أبي حنيفة، وكثير من الأئمة المشهورين؛ حتى أئمة المعتزلة و الشيعة الاختلاف حول أعمارهم معروف، فما بال السقاف يسقط لهذا الدرك؟!
قال{ص:15}:
" اختلفوا في موته ثلاث عشرة سنة! من سنة320 إلى333! وهذا يثبت لنا انه لم يكن من الأئمة، ولا المشهورين آنذاك لان الأئمة المشهورين تضبط وفاياتهم باليوم و بأدق من ذلك".
قال الذهبي في (السير){333/13} في ترجمة سهل بن عبد الله التستري:
" قيل: توفي سهل بن عبدالله في سنة ثلاث وسبعين،وليس بشئ، بل الصواب: موته في المحرم سنة ثلاث وثمانين ومئتين، ويقال: عاش ثمانين سنة أو أكثر".
وقال{364/5}:
" قال السري بن يحيى: توفي مالك بن دينار سنة سبع وعشرين ومئة.
وقال ابن المديني: سنة ثلاثين ومئة."
وقال الذهبي أيضا{132/8}:
" قال القعنبي: سمعتهم يقولون: عمر مالك تسع وثمانون سنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة.
وقال إسماعيل بن أبي أويس: مرض مالك، فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت، قالوا: تشهد، ثم قال: (لله الأمر من قبل ومن بعد) ،وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومئة، فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، ولد زينب بنت سليمان العباسية، ويعرف بأمه.
رواها محمد بن سعد عنه، ثم قال: وسألت مصعبا، فقال: بل مات في صفر، فأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك.
وقال أبو مصعب الزهري: مات لعشر مضت من ربيع الأول سنة تسع.
وقال محمد بن سحنون: مات في حادي عشر ربيع الأول.
وقال ابن وهب: مات لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول.
قال القاضي عياض: الصحيح: وفاته في ربيع الأول يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يوما من مرضه."
قلت: فهؤلاء أئمة أعلام اختلف في تاريخ وفاتهم، خاصة الإمام مالك أشهر الأعلام، فأين قول السقاف وقاعدته المشئومة( لأن الأئمة المشهورين تضبط وفاياتهم باليوم و بأدق من ذلك))؟!
7 ـ لما لم يجد السقاف ما يطعن به في علم الأشعري و ديانته ـ عند أهل السنة ـ رجع أدراجه و استعان ببني جلدته المذهبية: المعتزلة، فنقل عن الحاكم الجشمي البيهقي المعتزلي قوله:
" وذكر القاضي عن أبي هاشم أن أكثر كلامه يدل على أنه لا يعتمد و أنه كان صاحب دنيا ليس إلا طلبا للرياسة"{ص:15}[5].
قلت:إذا لم تعتمد المعتزلة على كلام الأشعري فهم معذورون على ذلك، لأنه لا يوجد من كشف مقالاتهم و شناعاتهم و فضحهم للأمة مثل الأشعري، فلابد أن يبلغ بهم الحنق و الحقد عليه مبلغا كبيرا.
كذلك يقال:المعتزلة معروفون برمي خصومهم بالطامات ووضع الحكايات و القصص الباطلة لتشويه سمعتهم، مما لا يخفى على العاقل.
والمشكلة الحقيقية التي يعاني منها السقاف، و العقدة التي يسببها له الأشعري ـ رحمه الله ـ هو ما كشفه للأمة من شنائع المعتزلة وشبههم، يقول السقاف{ص:38}:
" وهنا يقف الإنسان متفكرا ما هي الجريمة الكبرى التي اقترفها المعتزلة و أهل التنزيه حتى يقف الأشعري منهم هذا الموقف ويرميهم بالعظائم وما هم برءاء منه؟!و كيف يعقهم هذا العقوق...... ومن عق شيخه لا يفلح أبدا"[6].
8 ـ بعد أن حط السقاف من قدر الأشعري ومنزلته بين العلماء انتقل إلى الأشاعرة ـ برمتهم ـ يمدح بعضهم ليسوغ له فيما بعد ذم بعضهم الآخر، ثم أولئك الذين مدحهم أولا يعود عليهم في الأخير بالذم و الثلب!
ومن أشد مطاعنه عليهم رميهم بالتناقض و الاضطراب، و لكن بأسلوب خفي، حيث يزعم أن المذهب الأشعري في حقيقته عدة مذاهب لا تمت لبعضها البعض بصلة، مختلفة الأشكال و المناهج ،قال{ص:16}:
" و الأشاعرة أو الأشعرية على التحقيق ليس مذهبا واحدا أو نهجا واحدا ،و إنما هو عدة أشكال و اتجاهات من المذاهب و المناهج".
وقال {ص:17}:
" إذن فالمذهب الأشعري يتكون على التحقيق من عدة مذاهب يختلف بعضها عن بعض و إن سموها تجوزا: المذهب الأشعري".
قلت:الاختلاف في المذاهب ليس عيبا، فجل المذاهب يختلف أصحابها فيما بينهم، ولكن اختلاف مناهجهم أمر لا يعقل ،إذ المفروض أن المذهب يتميز عن غيره من المذاهب بمجموعة قواعد أو أصول ينفرد بترتيبها نسميها: (المنهج) أو (الطريقة). ومتى اختلف أصحاب المذهب في أصول مذهبهم لم يصح نسبتهم إلى نفس المذهب.
أقسام المذهب الأشعري عند السقاف:
لم يكتف السقاف بتقسيم المذهب الأشعري إلى مذاهب متعارضة متناقضة، بل حط على كل قسم منها بطريقته، مما يفهم منه القارئ أنه مذهب ضعيف، لا يصلح للتمسك به قال{ص:16}:
1 ـ "فهناك مذهب الأشعري نفسه، و يمكن أن يضم إليه الباقلاني"
قلت: هذا المذهب سبق أن بيّنا كيف ذمه السقاف، و بيّن أنه مذهب المجسمة،وقد سبق للسقاف أن نسب هذا الكتاب(الإبانة) للباقلاني، وهو شديد الوقوع فيه، لا يحتمله أدنى احتمال، لكون خلاف الباقلاني للمعتزلة كان واضحا و صريحا.
قال الباقلاني في ( الإنصاف){23/1}:
" واعلم: أن أخبث من ذكرنا من المبتدعة، وأكثرهم شبهاً وأعظمهم استجلاباً لقلوب العوام، المعتزلة، فجعلوا يتطلبون أن يضلوا من ذكرنا في مسألة القدر، فلم يقدروا، وكذلك في مسألة الرؤية، فلم يقدروا، وكذلك في مسألة الشفاعة والصراط والميزان، وعذاب القبر، وجميع ما أنكروه مما صحت فيه الآثار فلم يقدروا عليهم في شيء من ذلك، ولم يظفروا به، فجاءوا إلى مسألة القرآن وعقدهم فيه أنه مخلوق محدث موصوف بصفات المخلوقين، فما قدروا أن يصرحوا بكونه مخلوقاً، فما زالوا يحسنوا لهم أموراً حتى قالوا: بأن القرآن يتصف بصفات الخلق، وذلك أكبر عمدة لهم في كونه مخلوقاً، فرضوا منهم بأن يقولوا بخلق القرآن معنى وإن لم يصرحوا به نطقاً. وكان أكبر غرض هؤلاء الجهلة ممن يتصدى للعلم وليس من أهل ذلك، أن ينفروا العوام من أهل التحقيق والذين يعرفون مغزاهم في ذلك، حتى لا يسمع كلامهم ولا يتعلم منهم حتى ينقرضوا شيئاً فشيئاً ويتم لهم ما أرادوا في الجهال والعوام."
أسباب ذم السقاف للأشعري:
وعليه نستخلص من هذا الكلام أن قاعدة السقاف التي على أساسها يقيّم أئمة الأشاعرة هي: كل من وافق السلف الصالح و اتبع طريقة أئمة السنة فهو جاهل، و متناقض، و مضطرب؛ ولا يقبل كلامه، ولا يصلح للإمامة.
وكل من وافق المعتزلة، و اقترب منهم، فهو صاحب فهم و إدراك ثاقب!.
قال{ص:20}:
" وقد دعا لذلك ابن تيمية مع أنه يؤول الاستواء بالجلوس و القعود[7] وكان على ذلك من يسمونهم بالسلف من أهل القرون الثلاثة الأولى و الأشعري معهم في اعتقاد الظاهر و الحقيقة كما تفيد ذلك نصوصه ".
قلت:قاعدة الأشعري التي يعمل بها في باب الصفات، و التي لا تعجب السقاف هي قوله في (الإبانة):
" القرآن على ظاهره، ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة، فإن وجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر،ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة".
فهذه القاعدة في التأويل التي نصّ عليه الأشعري ـ رحمه الله ـ هي طريقة(عرجاء عوجاء) عند السقاف! لان ظاهر القرآن عند المعتزلة كله كفر و ضلال،فإما أن الله عز وجل ـ تعالى عن سلبهم و تعطيلهم ـ عجز عن إيضاح مراده في القران فهو بحاجة إلى عقول خلقه لتوضيح كلامه، في حين يقدر المعتزلة ـ وحتى الحيوانات فيما بينها ـ أن تفهم غيرها مرادها!.
و إما أنه أضل عباده حيث أوهمهم ما ليس بحق، وتركهم يتخبطون في اختلافاتهم، و أعوزهم إلى مشركي اليونان ليتعلموا منهم العلم الذي يفهمون به كلام ربهم و سنة نبيهم وهو المنطق الأرسطي !
فإذا صحّ عن الأشعري اتباعه للسلف الصالح، وموافقته لأئمة السنة، فهذا يدل على إمامته، ولما اعتبره أهل العلم من أئمة السنة.
نقل السقاف عن ابن القشيري في رسالته(شكاية أهل السنة) أن الأشعري يثبت الوجه و اليد و غيرها ،كما نقله السبكي عنه في (طبقات الشافعية){405/3}.
قال الذهبي في( السير){505/10}:
" قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، و ما أبقوا ممكنا، و آيات الصفات و أحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها و إمرارها على ما جاءت هو الحق لا تفسير لها غير ذلك".
قلت: فإذا كان الأشعري متبعا للسلف الصالح، وما قاله في ضوابط التأويل هو الموافق لما كان عليه السلف الصالح، و الموافق للغة العرب، و لدلالة العقل الصحيحة، فإن التأويل لا يصار إليه إلا بحجة، و الحجة لابد أن تكون مقررة في شريعتنا، لا مستوردة من منطق اليونان و أوهامهم كشبهة الجسمية، فإن قامت حجة من شريعتنا، و لغة نقلة الدين من الصحابة و التابعين فسرنا بالأقرب الأغلب من لغة العرب، لا بالأغرب، كما يفعل الجهمية المعتزلة المعطلة.
قال السقاف {ص:16 هامش} وهو يقارن بين الباقلاني و الحليمي:
" وكان الباقلاني البصري البغدادي معاصرا للحليمي، وقد مات في سنة واحدة![لست أدري لم التعجب] وكلام الباقلاني مختلف عن كلام الحليمي،فإننا لا نلتفت إلى مقالة الباقلاني [لم وما السبب؟] ولكننا ننظر إلى قول الحليمي باحترام و تقدير لما يحويه كلامه من الفهم و الإدراك الثاقب!".
قلت: فكلام الباقلاني مردود بدون سبب علمي، لأنه لا يعجب السقاف، و كلام الحليمي محترم لأنه يدل على الفهم و الإدراك عند السقاف!.
و عليه نفهم أن مجرد إعجاب السقاف برجل ما يدل على أن هذا الرجل يقول بالتعطيل الذي يسميه السقاف التنزيه)!.
و السقاف يربط دائما بين الأشعري و الباقلاني، قال {ص:17}:
" فنرى أن مذهب الأشعري و الباقلاني متقاربان".
2 ـ قال السقاف {ص:16}:
" وهناك منهج مثل البيهقي وبعض المحدثين"
قلت:في مقدمة تعليقه على كتاب الذهبي ( العلو)، وفي الفهرس بتراجم مذاهب الأئمة العقدية ،الذي عقده في آخره زعم أن البيهقي من أهل التأويل!.
وكذلك في شرحه على (الطحاوية)، وفي تعليقه على كتاب ابن الجوزي(دفع شبه التشبيه) عقد السقاف في المقدمة فصلا ينصح فيه بالكتب التي يمكن أخذ العقائد منها، وذكر منها كتاب( الأسماء و الصفات)، و ( الاعتقاد) للبيهقي.
ولكن لما جاء إلى كتاب ( الإبانة)، وهو أول كتب الأشاعرة و أول أصولها ،حط على البيهقي ، كما حط عليه في (الطحاوية) عندما أشار إلى تعقبه الطحاوي!.
قال السقاف في تعليقه على (الإبانة){ص:16 هامش}:
" كان البيهقي متابعا لإبانة الأشعري! فإنه من تأمل كلامه في (الاعتقاد) و (الهداية)، و قارنه مع نصوص (الإبانة) وجده متفقا، بل وجد العبارة أحيانا عبارة واحدة".
قلت: فإن كان البيهقي متبعا لإبانة الأشعري لهذا الحد، بحيث يذكر عبارات الأشعري نفسها، فلم جعلته مذهبا ثانيا عند الأشاعرة، يختلف عن مذهب الأشعري؟!
وقد ذكرالسقاف سبب تمعضه من مذهب البيهقي، ومن كان على طريقته من الأئمة، قد ذكرنا السبب الأول، وهو موافقته لعقيدة الأشعري في ( الإبانة) .
أما السبب الثاني فهو اتباع الحديث، أي: الاعتماد على النصوص في تقرير العقيدة، قال{ص:17}:
" وهناك طريقة البيهقي وابن فورك و نحوهما المتميزة بالاعتماد على الأحاديث مع اضطراب و تضارب في الأفكار"[8]
قال في { الهامش}:
" في مثل كتابه(الأسماء و الصفات)، و كتاب ( الاعتقاد) و (الهداية).
قلت: ألم يقل السقاف في تعليقه على (دفع شبه التشبيه) في فصل:" الكتب التي نحض على قراءتها و دراستها لفهم العقيدة" {ص:78}:
" لقد ألف العلماء ـ جزاهم الله عنا خيرا ـ كتبا كثيرة، ذكروا فيها الاعتقاد الصحيح، ودفعوا فيها، وردوا ما أثاره المشبهة و المجسمة و أشباههم من أمور باطلة .... ومن تلك الكتب:
1 ـ كتاب( الأسماء و الصفات) للإمام الحافظ البيهقي، و الذي علق عليه الإمام المحدث الكوثري رحمه الله تعالى تعليقات نفيسة و تقريرات جيدة[9].
10 ـ كتاب( الاعتقاد ) للإمام الحافظ البيهقي".
قلت:إلى من ينسب هذا الولد؟!
من جهة هي كتب مضطربة تعتمد الحديث، وأهل الحديث هم عنده مشبهة مجسمة، ومن جهة ينصح بقراءتها و دراستها لفهم العقيدة؟!
ويزيدنا السقاف توضيحا لسبب ذمه مذهب البيهقي و طريقته فيقول{ص:30}:
" و إتماما للفائدة نقول: بان الحافظ البيهقي نقل في كتاب(الأسماء و الصفات) عن الخطابي و شيوخه القول بالظاهر، وهو قول باطل مردود عندنا! حيث قال البيهقي في ( الأسماء و الصفات){ ص:345} عند ذكر حديث "يكشف ربنا عن ساقه" ما نصه:" قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله : هذا الحديث مما تهيّب القول فيه شيوخنا، فاجروه على ظاهر لفظه، ولم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقف عن تفسير كل ما لا يحيط العلم بكنهه من هذا الباب".
قلت: وبغض النظر عن هذه المسألة و تفاصيلها، فقد اشتطا السقاف غضبا من الخطابي و البيهقي و شيوخهما لأنهما حسب قوله :
" فهنا يلتقي الحنابلة المجسمة و ابن تيمية مع الأشعري و البيهقي و الخطابي و شيوخه الأشاعرة في حمل الأمور على ظاهرها ،و هذا ما يأباه أهل التنزيه و الحق!!"{ص:30}.
قلت:لا يُعجب السقاف موافقة الأشاعرة لأئمة السنة في الصفات، و يعد ذلك خرقا لما اشتهر عن بعض المتأخرين من الأشاعرة من موافقة المعتزلة، ومخالفة سلفهم، و الارتماء في أحضان الفلاسفة ،كما صرح بذلك ابن خلدون ـ الأشعري ـ في ( المقدمة)(ص:466):
" ولقد اختلطت الطريقتان عند هؤلاء المتأخرين، والتبست مسائل الكلام بمسائل الفلسفة، بحيث لا يتميز أحد الفنين من الآخر، ولا يحصل عليه طالبه من كتبهم، كما فعله البيضاوي في (الطوالع)، ومن جاء بعده من علماء العجم، في جميع تآليفهم، إلا أن هذه الطريقة قد يعنى بها بعض طلبة العلم للاطلاع على المذاهب، والإغراق في معرفة الحجاج لوفور ذلك فيها، وأما محاذاة طريقة السلف بعقائد علم الكلام فإنما هو للطريقة القديمة".
وقد ذم السنوسي كتب الرازي ـ كما هو مشهور عنه ـ لهذا السبب.
قال السقاف:
" فانظروا كيف يجري بعض أتباع الأشعري المتقدمين هذه النصوص على ظاهر ألفاظها ،و يصرحون بهذه القاعدة بكل وضوح!!
فما هو الفرق بين هذا، و بين ما يقوله ابن تيمية من إجراء تلك النصوص على ظاهرها !!
و أين من يتغنون بأمجاد الأشاعرة و أهل السنة؟! و الأشعري أثبت اليدين و العينين و الوجه و المجيء و النزول و أنه ساكن السماء".
قال{ص:31}:
" فظهر أن طريقة من يسميهم بعض الناس بالمجسمة أمثال ابن تيمية هي نفس طريقة بعض السلف و الأشعري و الخطابي و البيهقي لا فرق، مهما حاول المتعصبون أن يتمحلوا لإظهار فروق بين الفريقين، لأنها فروق خيالية يتوهمونها وهي لا ثمّ".
كون هؤلاء الأئمة الاشاعرة وافقوا ابن تيمية أو وافقهم ابن تيمية ـ لأنه متأخر عنهم ـ لا يهم، وليس هو المعتبر في تقييمهم ،إنما المعتبر أنهم وافقوا السلف الصالح، الذين كنا قد بينا سابقا أن طريقتهم هي الإثبات مع عدم التكييف، و ذم التأويل، بخلاف ما يزعمه عنهم بعض الناس.
قال ابن حجر في ( الفتح){390/13}:
" وقال البيهقي :ومنهم من قال العين صفة ذات كما تقدم في الوجه، ومنهم من قال : المراد بالعين الرؤية ...ومال إلى ترجيح الأول لأنه مذهب السلف".
3 ـ قال السقاف {ص:16}:
" وكذا منهج شيخه الحليمي المختلف عنه"
قلت: قال الذهبي في ( سير أعلام النبلاء){233/17}:
" للحافظ أبي بكر البيهقي اعتناء بكلام الحليمي، ولا سيما في كتاب: ( شعب الإيمان )".
قلت:وهذا يعني أنه لم يكن يخالفه ،وقد قال محقق ( السير):
" يكثر النقل فيه عن كتاب الحليمي الموسوم بـ (المنهاج)، وهو كتاب جليل في نحو ثلاث مجلدات، فيه أحكام كثيرة، ومسائل فقهية وغيرها، مما يتعلق بأصول الإيمان، وآيات الساعة، وأحوال القيامة.
انظر ( كشف الظنون ) 2 / ،1047 وانظر فيه من صنف في شعب الإيمان، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في ( تاريخ سزكين) 2 / 384.
4 ـ قال السقاف ـ نفس الصفحة ـ :
" وهناك منهج إمام الحرمين وهو يميل إلى التعقيد و الفلسفة و المنطق نوعا ما"
قلت:فأنت ترى كيف ذم هذا المذهب، ووصمه بالتعقيد و الفلسفة و المنطق، فأبعده بهذه الطريقة عن حظيرة المذاهب الإسلامية المعتمدة على النصوص، وهذا أعظم الطعن فيه،قال في{ص:16 هامش}:
و كتابه ( الرسالة النظامية) أجده غير صالح لأن يكون كتابا في العقائد و التوحيد، وما قاله فيه من الانكفاف عن التأويل و الأخذ بما عليه السلف غلط محض، وهو مردود لمخالفته الواقع".
فمن جهة يذم هذا الكتاب( النظامية)، ومن جهة أخرى يقر بأنه على مذهب السلف!
وقد بالغ التناقض بالسقاف حدا لم يدر ما يخرج من رأسه، قال {ص:17}:
" وهناك مذهب إمام الحرمين و الغزالي الذي لا يختلف عنهما ـ[يقصد مذهب الأشعري و الباقلاني ] و خاصة في مسألة التأويل و الكسب و الاختيار".
قلت: فنفهم أن مذهب الغزالي الذي مدحه قبل قليل، و مذهب الجويني مذمومان، كما ذم مذهب الأشعري و الباقلاني بسبب القرب بينهما، كما ذكر؟!
5 ـ قال ـ نفس الصفحة ـ ومذهب حجة الإسلام الغزالي وهو بنظري المؤسس الحقيقي لمذهب الأشاعرة المتأخرين، وهو المذهب الصريح في التنزيه ـ النسبي في مذهب أهل السنةـ و التأويل و البعيد عن مذهب الأشعري و الحنابلة".
6 ـ قال ـ نفس الصفحة ـ :" ثم بعده منهج الرازي"
قلت:و إن كان الرازي ـ بالنسبة للسقاف ـ اقرب الأشاعرة إلى المعتزلة، فإنه لم يقع عليه اختيار السقاف ليكون زعيم الأشاعرة، وصاحب مذهبهم، إما لأنه لا يميل للتصوف، و لا يقول برجال غيب ، و إما لأنه يعارض نظرية الأئمة الشيعية.
ومع ذلك لم يسلم هو الآخر من الوصم بالباطل و المحال، قال السقاف {ص:201}، وهو يلحد في قوله تعالى:{ أنزله بعلمه}" النساء":
"قال الإمام الرازي في" التفسير"{6/11/114}: قال أصحابنا: دلت الآية على أن لله تعالى علما، وذلك لأنها تدل على إثبات علم لله تعالى، ولو كان علمه نفس ذاته لزم إضافة الشيء إلى نفسه وهو محال".
قال السقاف: وعلى كل حال فهذا كلام باطل، وقوله فيه محال لا يصح، بل هو من أبطل الباطل!".
7 ـ قال ـ نفس الصفحة" " ثم مذهب السبكي، و الذي مشى عليه متاخروا الأشاعرة أمثال: صاحب (الجوهرة) و شراحها و كثير من أصحاب المتون الأخرى مثل (إضاءة الدجنة) و غيرها"
قلت:و إن كان السقاف كثير الاعتماد على كتب السبكي ـ لما بات معلوما لدى الخاص و العام ـ إلا أنه لم يستثنه من الذم بطريقته الخفية الملتوية، فقد نسب إليه كلاما في سياق إعادة الاعتبار للجهمية مفاده أن السبكي مقلد أعمى، يقلد بلا دليل، و يتبع بلا حجة ،وأنه يساير الحنابلة متأثرا بكلامهم!
قال السقاف{ص:43} ناقلا عن " طبقات السبكي"{91/1}:
" و أما جهم فلا ندري ما مذهبه، ونحن على قطع بأنه رجل مبتدع .....وما لنا و لجهم وهو عندنا من شر المبتدعة ".
قال السقاف:
" فكيف صار مبتدعا، وهم لا يعرفون عن مذهبه شيئا؟! وما حكموا عليه بالابتداع إلا تأثرا بكلام الحنابلة المشبهة!".
قلت:قضية جهم و الجعد بن درهم قام على إنكارها الشيعة وعلى رأسهم جعفر السبحاني، و السقاف، و ابن فرحان المالكي، فلم يقعدوا على شيء متين يحملهم.
و قد بينت شبههم التي نسجوها حول ثبوتها،وبددتها بالحجج الصحيحة في (تطهير الطحاوية من تمويهات السقاف البدعية) سنخرجه قريبا بعون الله و تأييده.
8 ـ قال السقاف {ص:16}:
" و بعده السنوسي الذي كان أصلا في تعقيد علم الكلام و القول بنظريات يتوهم القائل بها أنها أدلة عقلية مقطوعا بها أو تحقيقا دقيقا وهي ليست كذلك!!".
قلت: لا تعليق هنا، فكلام السقاف يكفي في بيان حال طريقة السنوسي عنده.
ـ قاموس السقاف في الطعن في الأشعري:
كما أن السقاف سيء الأدب مع أهل العلم ومع أتباعهم[10]،ومن عجيب وقاحته، وسماجة عقله وقوعه في الأشعري،فلقد أغرق تعليقاته على (الإبانة) بسيل من الشتائم تعافها النفوس السوية منها:
ـ إما أن المصنف يعرفه و أخفاه، و إما أنه يجهله و أحلاهما مر.{ص:299}
ـ لكن مكايدة المعتزلة و أتباع مدرسة آل البيت ومناحرتهم تجري في دمه و لحمه.{ص:297}.
ـ وهذا المصنف كذاب أشر.{ص:292}
ـ وهذا يدل على أنه مفلس من أساليب الاحتجاج، ويتهم الناس بما هم برءاء منه.{ص:292}
ـ من العجيب الغريب أن جهله مكعب و يصف الناس بالجهل.{ص:289}
ـ ما شاء الله أعجب من هذه التخريفات التي ليس لها خطام ولا زمام، يبني كلامه و عقيدته وحججه على خرافات و يصدقها،لأنها دالة على أن قائلها يصوغ الكلام بلا عقل.{ص:287}
ـ يا ليت المصنف كان يتقي الله و يفهم العربية ولا يغالط.{ص:271}
ـ أيها المصنف المفلس.{ص:267}
ـ إني أتصور أن هذا المصنف لم يكن عقله معه بل كان يحلم فهو يخرط الأقوال خرطا .{ص:263}
ـ مثل هذه العبارات يجب أن تشحن إلى مختبرات خاصة للتحليل... ربما نكتشف أنه أراد أن يثبت القدر بالضغط الأسموزي.{ص:253}
ـ كلام غير مترابط،وهذا مثل قول القائل الدليل على أن صلاة الظهر أربع ركعات قوله تعالى{ لم يلد ولم يولد}.{ص:233}
ـ ذكرني هذا المصنف بأدلة جحا و بالحمقى و المغفلين.{ص:233}
ـ وهذا الإيراد يدل على حمق المصنف.{ص:219}
ـ هناك احتمال ثالث وهو أنه كان غبيا.{ص:202}
قلت: هذا هو أدب من ينسب نفسه إلى النسب الشريف، و يدعي العلم مع من هو خير منه بآلاف المرات، لا يراعي حرمته ، ولا حرمة أتباعه، فإن الأشعري ـ رحمه الله ـ له أتباع كثر، و إذا قدر أن خالفه أحد في مسألة لا يعني أبدا استحقاقه لكل تلك الشتائم، فما بالك و المخطئ هو السقاف أخذ وثنية أرسطو و ابن سينا و أضاف إليها شيئا من حقد الشيعة الرافضة ، وزعم أن هذا هو دين محمد صلى الله عليه و سلم!
خلاصة اعتقاد السقاف في الأشعري و الأشعرية:
يعتقد السقاف أن الأشاعرة مضطربون في عقيدتهم لاضطراب أصولهم و مناهجهم ،و تناقض المتأخرين منهم مع أئمتهم المتقدمين، و أنهم عاجزون عن إيجاد جواب مريح ومقنع لهذا التضارب و الاضطراب قال {ص:45}:
" فإذا فهمنا ذلك تخلصنا من الحيرة و التردد الذي يعاني منه كثير من الأشاعرة و أهل السنة قاطبة! لا سيما و القوم يعانون من عدم القدرة على إيجاد جواب مريح و مقنع عن الإشكالية الفكرية العقائدية التي أحدثها الأشعري[11] من خلال كتاب( الإبانة) و (مقالات الإسلاميين) و ( رسالة أهل الثغر) ونحو هذه المؤلفات!
ففكر الأشعري في هذه الكتب فكر هزيل ضعيف عقلا و نقلا و قد لاحظنا أن الأشعري يأتي بكلام كثير غير منطقي، ولا معنى له، بل ركيك و متضارب ، و أن الحامل له على ذلك مجرد حب تغليط المعتزلة، و أشخاص كانوا يعيشون في عصره، ليبين أنهم مخطئون، ولو بباطل القول!
فهو يريد أن يخالف المعتزلة، و يعاندهم، و يكايدهم، ولو فيما كانوا فيه محقين و مصيبين، ولو بالباطل من القول!".
بيان ضلال المعتزلة و تناقضهم:
قلت: ما اتهم به السقاف من كون الأشعرية تضم مذاهبا عديدة مختلفة فيما بينها لو فرضنا صحته لما كان الأمر أكثر غرابة وقد فاقت المعتزلة جميع فرق المسلمين انقساما و تشتتا و تناقضا؛ و تضارب الأقوال فيها بلغ أشده، حتى كفر بعضهم بعضا، ورمى بعضهم بعضا بالطامات و الدواهي، و إليك موجز عن مذاهبهم وتراجم أئمتهم يبين أن الأمة قد أطبقت على ذمهم:
مقالات المعتزلة وتراجم أئمتها:
ـ يدافع السقاف عن بشرالمريسي لأنه معتزلي مثله، قال في( البرهان){ص:36}:
" كان يقرأ من اليهودية في (التوراة) ما يلبس به على المسلمين في القرآن، وكان يتفقه على مذهب أبي حنيفة و يذهب في الصفات مذهب جهم، غير أنه يخالفه بقوله الإيمان تصديق وقول بلا عمل، ويوافق المعتزلة في قولهم: أن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد، ويقول: إن القرآن مخلوق،" كان والده يهوديا قصابا صباغا".
ـ ومن المعتزلة الحسين بن محمد النجار يقول: إن القرآن مخلوق، و ينفي الصفات عن الله إلا الإرادة.
ـ أبو علي الجبائي كان يسمي الله مطيعا لعبده إذ فعل مراد العبد،ويزعم أن المعدوم شيء ثابت في العدم، قال البغدادي في( الفرق){ص:184}:
" كان من الفساق يشرب الخمر، و قيل مات في سكره"، ويقول : طامات كبيرة جدا.
ـ منهم ضرار بن عمرو الكوفي كان يقول: إنه من الممكن أن جميع أهل الأرض المظهرين للإسلام كفار في باطن أمرهم،لان ذلك جائز على كل واحد منهم،وهذه حجة النظام و الرافضة في نفي الإجماع،شهد عليه أحمد بخبث المقالات فهرب، و قال ابن حزم: كان ضرار ينكر عذاب القبر.
ـ ومنهم بشر بن المعتمر، و يكنى أبا سهل كان يقول: من سرق أحد عشر درهما فهو كافر خارج الإسلام مخلد في النيران إن لم يتب.
ـ ومنهم أبو الهذيل العلاف، له مصائب لم يقل بها أحد من أهل الإسلام( الفصل في الملل و النحل لابن حزم){215/4}، و قد كتب المردار من المعتزلة كتابا كبيرا فيه فضائح أبي الهذيل و تكفيره، وكذلك للجبائي كتاب مثله، ولجعفر بن حرب المعتزلي كتاب ( توبيخ أبي الهذيل).
ـ ومنهم إبراهيم بن سيار النظام[12] هو ابن أخت أبي الهذيل العلاف، و شيخ الجاحظ كان يقول : إن الله لا يقدر على ظلم البشر، ولا على شيء من الشر، و أن الناس يقدرون على ذلك ولو كان قادرا لم نأمن أن يفعله بنا، و أنه غير قادر على إخراج أحد من الجنة، ولا طرح آخر في النار، و أن خلقه يقدرون على ذلك.
ومن سرق مائتي درهم غير حبة فهو مؤمن، و ليس بفاسق، ولا يعذب، فإن سرق مائتي درهم فهو كافر خارج عن الإيمان مخلد في النار، و الطامات عنده كثيرة جدا.
ـ ومنهم أبو عثمان الجاحظ قال في ( الفرق){175}:
" و قد اغتر أتباعه بحسن بيانه، ولو عرفوا جهالاته في ضلالاته لاستغفروا الله تعالى من تسميتهم إياه إنسانا.
وقد علم اللصوص السرقة بكتابه ( حيل اللصوص)، وعلم الناس الغش بكتابه( غش الصناعات)، وفي كتابه( الفتيا) مشحون بالطعن في الصحابة، وله كتابالقحاب)،( الكلاب) و(اللاطة) و غيرها، ثم قال عبد القاهر البغدادي{ص:177}.
كان يزعم أن من يموت قبل البلوغ و المجانين لا يدخلون الجنة بل يصيرون ترابا.
قال الإسفرايني في( التبصير){ص:82}:
" قد ركب الجاحظ على قوله هذا قولا هو شر من هذا فقال: إن الله لا يدخل أحدا النار، و لكن النار بطبيعتها تجذب إلى نفسها أهلها، ثم تمسكهم في جوفها خالدا مخلدا".
ـ ومنهم هشام بن عمرو الفوطي ،قال في ( الفرق بين الفرق){ص:159}:
" اعتذر الخياط عن الفوطي بأن قال: إن هشاما كان يقول حسبنا الله ونعم المتوكل عليه ،بدلا من الوكيل، وزعم أن وكيلا يقتضي موكلا فوقه،وهذا من علامات جهل هشام، و المعتذر عنه بمعاني الأسماء في اللغة، و ذلك أن الوكيل في اللغة بمعنى الكافي".
ـ ومنهم محمد بن عبد الله الإسكافي، و عباد بن سليمان تلميذ الفوطي، كان يقول: لا يجوز أن يقال: إن الله تعالى خلق المؤمنين، و لا أنه خلق الكافرين، ولكن يقال: خلق الناس. ـ ومنهم يعمر البصري، كان يحرم القول بأن الله تعالى عالم بنفسه، و يقول : محال أن يعلم الله نفسه أو يجهلها، لأن العالم غير المعلوم!
بيان بذم أئمة السنة للمعتزلة:
روى البيهقي بسنده إلى شريك بن عبد الله في ( الأسماء و الصفات){482/2}أنه قال:
" موسى بن داود ، قال : قال لي عباد بن العوام : قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة ، قال : فقلت له : يا أبا عبد الله ، إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث؟
قال : فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا ، وقال : أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم عمن أخذوا ؟"
ونقل البيهقي في( القضاء و القدر){12/2} عن عبد الرزاق أنه قال:
" قال لي إبراهيم بن أبي يحيى : إني أرى المعتزلة عندكم كثير قال : قلت : « نعم ، وهم يزعمون أنك منهم » قال : أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ، قلت : « لا »، قال : لم ؟ قلت : « لأن القلب ضعيف ، وإن الدين ليس لمن غلب »".
وفي الكتاب نفسه تحت رقم{511}:
" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا يعلى حمزة بن محمد العلوي النهدي يقول : سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن القاسم الحسني ، وما رأيت علويا أفضل منه زهدا وعبادة يقول : « المعتزلة قعدة الخوارج، عجزوا عن قتال الناس بالسيوف فقعدوا للناس يقاتلونهم بألسنتهم أو يجاهدونهم » أو كما قال".
وفي ( مجالس العشرة) لحسن الخلال تحت رقم{11}:
" حدثنا الحسن، ثنا أبو عمر بن حيوية الخراز ، حدثنا أبو حامد الحضرمي إملاء ، ثنا علي بن مسلم الطوسي ، ثنا زافر بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن مسلم ، عن يبرع ، رجل من أهل مرو قال : كنت أجالس ابن سيرين فتركت مجالسته وجلست إلى المعتزلة فرأيت في المنام أني مع قوم يحملون جنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال مالك : « أتدري من جالست ؟ إنك مع قوم يدفنون ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم »"
وفي ( بيان العلم و فضله) لابن عبد البر{رقم:1101}:
" حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، ثنا قاسم بن أصبغ ، ثنا أحمد بن زهير ، قال : سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول : كان مالك بن أنس يقول : « الكلام في الدين أكرهه، وكان أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه، نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك ، ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل.
فأما الكلام في الدين، وفي الله عز وجل فالسكوت أحب إلي ؛ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا ما تحته عمل ».
قال أبو عمر : « قد بين مالك ـ رحمه الله ـ أن الكلام فيما تحته عمل هو المباح عنده، وعند أهل بلده، يعني العلماء منهم رضي الله عنهم ، وأخبر أن الكلام في الدين نحو القول في صفات الله وأسمائه، وضرب مثلا فقال : نحو رأي جهم ، والقدر.
والذي قاله مالك عليه جماعة الفقهاء والعلماء قديما وحديثا من أهل الحديث والفتوى ، وإنما خالف ذلك أهل البدع المعتزلة وسائر الفرق ، وأما الجماعة على ما قال مالك إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ضلال عامة أو نحو هذا.
قال ابن عيينة : سمعت من جابر الجعفي كلاما خشيت أن يقع علي وعليه البيت".
وقال : يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي ، يوم ناظره حفص الفرد قال لي : « يا أبا موسى لأن يلقى الله عز وجل العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الكلام » لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه"
وفيه أيضا {رقم:1110}:
" حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ثنا إبراهيم بن بكر ، قال : سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خواز منداد المصري المالكي في كتاب الإجارات من كتابه في الخلاف قال مالك : « لا تجوز الإجارة في شيء من كتب أهل الأهواء والبدع والتنجيم ، وذكر كتبا ثم قال : وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم ، وتفسخ الإجارة في ذلك ، وكذلك كتب القضاء بالنجوم وعزائم الجن وما أشبه ذلك »".
قال البخاري في(خلق أفعال العباد){130/1}:
" قال أبو عبد الله : « فالمقروء هو كلام الرب الذي قال لموسى : ( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني (2) ) ، إلا المعتزلة فإنهم ادعوا أن فعل الله مخلوق ، وأن أفعال العباد غير مخلوقة ،وهذا خلاف علم المسلمين إلا من تعلق من البصريين بكلام سنسويه ، كان مجوسيا فادعى الإسلام ، فقال الحسن : أهلكتهم العجمة »
قال الخطيب البغدادي في (شرف أصحاب الحديث){10/1}:
" - أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق البزاز ، قال : أخبرنا محمد بن العباس العصمي ، قال : حدثنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس الهروي الحافظ ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، قال : قال علي بن المديني في حديث النبي صلى الله عليه وسلم « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم » : « هم أهل الحديث ، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ، ويذبون عن العلم . لولاهم ، لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئا من السنن »
قال أبو بكر : فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، وصرف عنهم كيد المعاندين ؛ لتمسكهم بالشرع المتين ، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين . فشأنهم حفظ الآثار وقطع المفاوز والقفار ، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى . قبلوا شريعته قولا وفعلا ، وحرسوا سنته حفظا ونقلا حتى ثبتوا بذلك أصلها ، وكانوا أحق بها وأهلها . وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها . والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها . فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها . إذا صدف عن الدفاع عنها، فهم دونها يناضلون ، (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) "
وقال تحت رقم{104}:
" أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي ، قال : سمعت أبا سعد الإستراباذي ، يقول : سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن يحيى المذكر النيسابوري ، بأسترآباذ ، يقول : سمعت عبد العزيز الخفاف ، بمكة ، يقول : سمعت إبراهيم بن موسى البصري ، يقول سمعت أبا عبد الله محمد بن العباس المصري يقول : سمعت هارون الرشيد ، يقول :
« طلبت أربعة فوجدتها في أربعة : طلبت الكفر فوجدته في الجهمية ، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة ، وطلبت الكذب فوجدته عند الرافضة ، وطلبت الحق فوجدته مع أصحاب الحديث »".
ـ و قد ذم القرطبي ـ وهو من فضلاء الأشاعرة ـ في تفسيره المعتزلة في عدة مواضع{50/2}منها قوله:
" أنكر معظم المعتزلة الشياطين والجن، ودل إنكارهم على قلة مبالاتهم وركاكة دياناتهم، وليس في إثباتهم مستحيل عقلي".
وقال{141/7}:
" وسئل سهل بن عبد الله عن الصلاة خلف المعتزلة والنكاح منهم وتزوجهم؟
فقال: لا، ولا كرامة ! هم كفار، كيف يؤمن من يقول: القرآن مخلوق، ولا جنة مخلوقة، ولا نار مخلوقة، ولا لله صراط، ولا شفاعة، ولا أحد من المؤمنين يدخل النار، ولا يخرج من النار من مذنبي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عذاب القبر، ولا منكر، ولا نكير، ولا رؤية لربنا في الآخرة، ولا زيادة، وأن علم الله مخلوق، ولا يرون السلطان، ولا جمعة، ويكفرون من يؤمن بهذا."
وقال:" وعلى الجملة فإن الرؤيا الصادقة من الله، وأنها من النبوة، قال صلى الله عليه وسلم: ( الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان ) وأن التصديق بها حق، ولها التأويل الحسن، وربما أغنى بعضها عن التأويل، وفيها من بديع الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه، ولا خلاف في هذا بين أهل الدين والحق من أهل الرأى والأثر، ولا ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد وشر ذمة من المعتزلة."{124/9}.
قال أبو حيان في( تفسير البحر المحيط){151/1}:
" والقدرية المعتزلة والنجارية والجهمية وبعض الرافضة نفوا الصفات التي أثبتها أهل السنة".
وقال{329/1}:" قال الماتريدي : إن قوم موسى ، مع غلظ أفهامهم وقلة عقولهم ، كانوا أعرف بالله وأكمل توحيداً من المعتزلة ، لأنهم قالوا : { وإنا إن شاء الله لمهتدون } ، والمعتزلة يقولون : قد شاء الله أن يهتدوا".
وقال{293/3}:" قال أبو بكر الرازي : هذه الآية فيها دلالة على أن المعاصي ليست من عند الله، ولا من فعله ، لأنها لو كانت من فعله كانت من عنده ، وقد نفى الله تعالى نفياً عامّاً لكون المعاصي من عنده . انتهى . وهذا مذهب المعتزلة ، وكان الرازي يجنح إلى مذهبهم ."
وقال{491/4}:" قال الزمخشري : الغلو في الدين غلوان : غلو حق ، وهو أن يفحص عن حقائقه، ويفتش عن أباعد معانيه، ويجتهد في تحصيل حججه كما يفعل المتكلمون من أهل العدل والتوحيد ، وغلو باطل، وهو أن يجاوز الحق ويتعداه بالإعراض عن الأدلة واتباع الشبه كما يفعل أهل الأهواء والبدع انتهى ، وأهل العدل والتوحيد هم أئمة المعتزلة ، وأهل الأهواء والبدع عنده هم أهل السنة ، ومن عدا المعتزلة".
قال الشوكاني في (فتح القدير){103/1}:
" وقد تواترت الأحاديث الصحيحة بأن العباد يرون ربهم في الآخرة ، وهي قطعية الدلالة ، لا ينبغي لمنصف أن يتمسك في مقابلها بتلك القواعد الكلامية التي جاء بها قدماء المعتزلة ، وزعموا أن العقل قد حكم بها ، دعوى مبنية على شفا جُرُف هار ، وقواعد لا يغترّ بها إلا من لم يحظ من العلم النافع بنصيب"
ختاما أقول:
إذا تبين أن السقاف من أشد المعتزلة المعاصرين تمسكا بعقائد المعتزلة الباطلة، إضافة إلى كونه من الرافضة الجدد، ممن يذمون الصحابة الخلفاء ـ رضوان الله عنهم ـ و ينتقدون خلافتهم مع إظهار الترضي عنهم، و قبول خلافتهم من باب حصول الأمر، و قيام الضرورة، وعدم شق عصا المسلمين في ذلك الوقت.
وجب على من يعتد بعقيدته و دينه، و يفتخر بسنيته، ودفاعه عن عقيدة السلف الصالح ـ كما كان الجهابذة من أئمة الأشاعرة يفعلون ـ من الاشاعرة المعاصرين أن يجتنب الاستشهاد بهذا الرجل، و نشر فكره بين المسلمين.
كما يجب عليه أن يعرف حقيقة كل من يمدح السقاف سرا أو علنا في الأوساط الأشعرية ـ فإنه إما على مذهبه في الاعتزال و الرفض، و إما غفل غفلة كبيرة بحيث استوعبه السقاف بشبهاته ،و استخف بعقله ـ و ينهاه عن ذلك ،و يبين له حقيقة موقف السقاف من الأشعريين نصحا للأمة، و دفاعا عن الدين.
وبهذا تعرف الأسباب الحقيقية التي تقف خلف طعون السقاف في كبار أئمة الأشعرية، فإنه قد اغتر بعضهم بمديحه لهم في بعض المواطن ،وظنوا أنهم سلموا منه مادام يهاجم ابن تيمية، ولم يدروا أنهم عنده حيارى تائهين، ومن أشد الناصبة على آل البيت، لأن أئمتهم نسفوا خرافات الرافضة في الإمامة و العصمة.
و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
[1] ـ قلت: هذه الكلمة من السبكي غير مقبولة لم يقلها مدحا للمغاربة ولكن في سياق الذم لهم، محاولا اتهام المازري بالتعصب على الأشعري ، على حساب الحقائق العلمية، لأنه ـ رحمه الله ـ أشار إلى طامة في عقيدة أبي المعالي، موجودة في كتبه، و نقلها عنه أخص تلامذته، هي مسألة: (استرسال علم الله تعالى على الموجودات)، ولكن تعصب السبكي لإمام الحرمين أنساه ذلك، فحاول أن يجعل الخلاف بين المازري و الجويني قضية تعصب لا غير!
وقد ذكر شيئا من هذا التعصب ـ الذي كنت قد بينته بالتفصيل، و بأمثلة كثيرة في كتابي " الأصول العلمية و الأحوال الصوفية لأبي حامد الغزالي" ـ محمد بن محمد الراعي في كتابه " انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك"{ص:299} حينما قال:
" ومن تعصبات الشافعية ما وقع لتاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقاته الصغرى، حيث قال:" و أما أهل اليمن فنظر الله تعالى إليهم بعين العناية، حيث لم يجعل منهم مالكيا و حنفيا، و إنما كلهم مقلدون لمذهب الشافعي".
أي أن من عناية الله بهم أن لا يكونوا مالكية أو حنفية، فهل بعد هذا التعصب المقيت حد يبقي الإنصاف و الاعتدال؟!
[2] ـ قال في {ص:8}:"المصنف نفسه الأشعري يقول بذلك الكلام المردود الدال على الميل إلى عقيدة التشبيه و التجسيم أعاذنا الله تعالى منها .....وهذا كله يثبت عنده أن الإبانة من تصنيف الأشعري، ولكن فيها ما يحير عقولهم، و تأباه قلوب أهل التنزيه".
[3] ـ قال فيه الشيخ مصطفى صبري الأشعري آخرا الماتريدي منشأ في كتابه( موقف العقل و العلم){392/3} كما نقله السقاف:
" و الآن أجده قدريا صريحا، و قد سمعته يقول: إن مذهب المعتزلة القدرية الذي انقرض رجاله، ما زال يعيش في هذه المسألة تحت اسم الماتريدية، وفي بعض البلاد باسم الشيعة الإمامية، فكنت أفهم منه أنه يفضل ما في الاعتزال من التفويض الخالص على اضطراب الماتريدين و أشباههم من الباحثين عن أمر بين أمرين، فهو معتزلي أي قدري قائل باستقلال العباد في أفعالهم الاختيارية في حين أني أشعري قائل بالجبر المتوسط أي الجبر في أفعالهم بواسطة الجبر في إرادتهم".
[4] ـ قال الذهبي عن الأشعري في : ( تاريخ الإسلام ){464/5}:
" قال ابن عساكر: قرأت بخط علي بن نقا المصري المحدث في الرسالة كتب بها أبو محمد بن أبي يزيد القيرواني المالكي جواباً لعلي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي حين ذكر الأشعري ونسبه إلى ما هو من بريء.
فقال ابن أبي يزيد في حق الأشعري: هو رجل مشهور إنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية والجهمية. متمسك بالسنن"
وفيه أيضا:" من نظر في هذه الكتب عرف محله، ومن أراد أن يتبحر في معرفة الأشعري، فليطالع كتاب تبيين كذب المفتري..".
وقال في "السير"{88/15}:"وكان عجبا في الذكاء، وقوة الفهم.
ولما برع في معرفة الاعتزال، كرهه وتبرأ منه، وصعد للناس، فتاب إلى الله تعالى منه، ثم أخذ يرد على المعتزلة، ويهتك عوارهم.
قال الفقيه أبو بكر الصيرفي: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم، حتى نشأ الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم.
وعن ابن الباقلاني قال: أفضل أحوالي أن أفهم كلام الأشعري.
قلت: رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها: تمر كما جاءت، ثم قال: وبذلك أقول، وبه أدين، ولا تؤول.
ولأبي الحسن ذكاء مفرط، وتبحر في العلم، وله أشياء حسنة، وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم".
[5] ـ ردد السقاف هذه الشبهة مرة أخرى في {ص:39} عندما قال:" بعض الجهات و السياسات الغابرة أعطت الأشعري منزلة فوق حجمه بكثير بكرات ومرات!!".
[6] ـ لم يسلم من لسان السقاف حتى من سبق لهم أن مدحهم مثل عبد القاهر البغدادي، فقد نصح في تعليقه على(دفع شبه التشبيه){ص:79} بقراءة كتبه لتعلم العقيدة الصحيحة، وحط عليه في (الإبانة){ص:42} قائلا:
" و لذا فإن من الخطير جدا أن نذم المخالفين وعلى رأسهم المعتزلة اعتمادا على ترهات الشيخ عبد القاهر ومن يقول بقوله، ويبهتهم بما هم برءاء منه!!".
فلست أدري على أي قدميه يقف السقاف؟!
[7] ـ قلت: هذا غير صحيح بالمرة، ولا يستطيع السقاف ومن يتبعه أن يأتي بنص واحد عن شيخ الإسلام فيه هذه الفرية،وفرق بين أن ينقل مذاهب الناس و مقالاتهم، و بين أن ينصرها على أنها الحق القويم.
وقد كنت أجبت السقاف عن هذه الفرية في كتابي ( تطهير الطحاوية من تمويهات السقاف البدعية ) يسر الله إتمامه، ولكن لا بأس بان أختصر الجواب هنا فأقول:
هذه المسألة معروف عن كثير من السلف أنهم لم يطعنوا فيها،وهذا لا يعني أنهم يثبتون حديث مجاهد،فإن العقائد لا تثبت بأقوال التابعين، بل بالكتاب و السنة، يدلك على هذا الأمر ما قرره عالمان سنيان كبيران هما الطبري و ابن تيمية ـ رحمهما الله .
قال الطبري في( تفسيره){531/7}:
" وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، فإن ما قاله مجاهد من أن الله يُقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التابعين بإحالة ذلك."
أما ابن تيمية الذي نسب له السقاف هذا القول، و شنع عليه به، فإنه قال في(الدرء){215/3}:
" قد صنف القاضي أبو يعلى كتابه في إبطال التأويل ردا لكتاب ابن فورك، وهو وإن كان أسند الأحاديث التي ذكرها، وذكر من رواها، ففيها عدة أحاديث موضوعة، كحديث الرؤية عيانا ليلة المعراج ونحوه وفيها أشياء عن بعض السلف، رواها بعض الناس مرفوعة كحديث قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلها موضوعة، وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه، ويتلقونه بالقبول.
وقد يقال : إن مثل هذا لا يقال إلا توفيقا، لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول، وما ثبت من كلام غيره، سواء كان من المقبول أو المردود.
ولهذا وغيره تكلم رزق الله التميمي وغيره من أصحاب أحمد في تصنيف القاضي أبي يعلى لهذا الكتاب بكلام غليظ، وشنع عليه أعداؤه بأشياء هو منها بريء، كما ذكر هو ذلك في آخر الكتاب.
وما نقله عنه أبو بكر بن العربي في (العواصم) كذب عليه عن مجهول لم يذكره أبو بكر، وهو من الكذب عليه مع أن هؤلاء - وإن كانوا نقلوا عنه ما هو كذب عليه، ففي كلامه ما هو مردود نقلا وتوجيها، وفي كلامه من التناقض من جنس ما يوجد في كلام الأشعري، والقاضي أبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي وأمثالهم، ممن يوافق النفاة على نفيهم ويشارك أهل الإثبات على وجه يقول الجمهور : إنه جمع بين النقيضين
ويقال : إن أبا جعفر السمناني شيخ أبي الوليد الباجي قاضي الموصل كان يقول عليه ما لم يقله : ويقال عن السمناني إنه كان مسمحا في حكمه وقوله.
والمقصود هنا أن ما لم يكن ثابتا عن الرسول لا نحتاج أن ندخله في هذا الباب سواء احتيج إلى تأويل أو لم يحتج".
فهذا رأي ابن تيمية أن هذه المسألة و إن كان تلقاها أئمة السلف و السنة بالقبول وعدم الإنكار، فإنها لا تثبت بنص صحيح، و أنها من أقوال مجاهد.
ومعلوم أن من الأئمة من يجعل هذا في حكم المرفوع إذا ورد عن تابعي كبير مشهور بالعلم و المعرفة و التقوى و التحري، فإن المظنون به أن لا يقول مثل هذا اجتهادا ،وهذا ما يستخلص من كلام الطبري المنقول أولا.
و إن كان فيهم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية من يرى أن العقائد لا تثبت إلا بالنص الصحيح، وعلى هذا الاعتقاد كان الترمذي، و مثله الشيخ الألباني.
و إن كان لابن تيمية تفصيل أوسع من هذا، بحيث يفرق بين الكلام عن الألفاظ المنقولة عن النبي صلى الله عليه و سلم ولوازم النصوص،و مقابلات المعاني مع بعضها البعض.
قال الألباني ـ رحمه الله ـ في (مختصر العلو){ص:14}:
" لو أن المؤلف رحمه الله وقف عند ما ذكرنا لأحسن، ولكنه لم يقنع بذلك، بل سود أكثر من صفحة كبيرة في نقل أقوال من أفتى بالتسليم بأثر مجاهد في تفسير قوله تعالى : { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } قال : يجلسه أو يقعده على العرش . بل قال بعضهم : ( أنا منكر على كل من رد هذا الحديث، وهو عندي رجل سوء متهم )
بل ذكر عن الإمام أحمد أنه قال : هذا تلقته العلماء بقبول إلى غير ذلك من الأقوال التي تراها في الأصل، ولا حاجة بنا إلى استيعابها في هذه المقدمة .
وذكر في ( مختصره ) المسمى ب ( الذهبية ) أسماء جمع آخرين من المحدثين سلموا بهذا الأثر، ولم يتعقبهم بشيء هناك .
وأما هنا فموقفه مضطرب أشد الاضطراب، فبينما تراه يقول في آخر ترجمة محمد بن مصعب العابد عقب قول من تلك الأقوال ( ص 126 ) :
( فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الفكر بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر . . . )
فأنت إذا أمعنت النظر في قوله هذا ظننت أنه ينكر هذا الأثر، ولا يعتقده ويلزمه ذلك، ولا يتردد فيه، ولكنك ستفاجأ بقوله ( ص 143 ) بعد أن أشار إلى هذا الأثر عقب ترجمة حرب الكرماني :
( وغضب العلماء لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف . . . )
ثم ذكر أشخاصا آخرين ممن سلموا بهذا الأثر غير من تقدم، فإذا أنت فرغت من قراءة هذا قلت : لقد رجع الشيخ من إنكاره إلى التسليم به لأنه قال : إنه لا يقال إلا بتوقيف، ولكن سرعان ما تراه يستدرك على ذلك بقوله بعد سطور :
( ولكن ثبت في ( الصحاح ) أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم )
قلت : وهذا هو الحق في تفسير المقام المحمود دون شك، ولا ريب للأحاديث التي أشار إليها المصنف رحمه الله تعالى، وهو الذي صححه الإمام ابن جرير في ( تفسيره ) ( 15 / 99 ) ثم القرطبي ( 10 / 309 ) وهو الذي لم يذكر الحافظ ابن كثير غيره، وساق الأحاديث المشار إليها ، بل هو الثابت عند مجاهد نفسه من طريقين عنه عند ابن جرير . وذاك الأثر عنه ليس له طريق معتبر، فقد ذكر المؤلف ( ص 125 ) أنه روي عن ليث بن أبي سليم، وعطاء بن السائب، وأبي يحيى القتات وجابر بن يزيد ) .
قلت : والأولان مختلطان، والآخران ضعيفان، بل الأخير متروك متهم
ولست أدري ما الذي منع المصنف - عفا الله عنه - من الاستقرار على هذا القول، وعلى جزمه بأن هذا الأثر منكر، كما تقدم عنه، فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل، وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى ،وهذا مما لم يرد، فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل"انتهى كلام الألباني.
قلت: تحقيق الشيخ الألباني جيد، و إن كان السلف الذين أثبتوا هذه الفضيلة بنوه على أن مثل هذه المسائل لا تقال بالاجتهاد ـ كما نقل الألباني عن الذهبي في هذا النص.
كما يظهر الاضطراب في هذه المسألة، خاصة و أنها لا تتعلق بصفات الله، بل بفضيلة للنبي صلى الله عليه و سل،م فلا ترجع إلى الأصول التي بنى عليها السلف الصالح مسألة الصفات.
قلت: أهل السنة لا يقرون بعضهم بعض على الخطأ، و قد بينا لك من خلال هذه النقول عن ابن تيمية و الألباني مدى الروح العلمية التي يتمتعون بها، و الاعتماد على الكتاب و السنة، فلا يأنفون من الرد على بعضهم البعض إيثارا للحق، بخلاف من يزين مذهب أئمته ولو كان باطلا من القول، غارقا في الزيغ و الانحراف.
ذكرت هذه المسألة بشيء من التفصيل لأن أحد الإخوة كان قد أشار إليها في تعليقه على مقال لي.
[8] ـ قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"{163/18}:"هو الحافظ العلامة، الثبت، الفقيه، شيخ الإسلام...."
[9] ـ قلت: التعليق على كتاب ما لا يعني أن المعلق يوافق صاحب المتن، فيمكن لأي مسلم أن يعلق على كتب اليهود و النصارى ينسخ كل ما في متونها،وهذا صنيع الكوثري نسخ و أبطل ما قرره البيهقي بتعليقاته فلاحظ الفرق.
[10] ـ وهو فاحش اللسان إلى درجة لا تحتملها نفس من شم للعلم رائحة يقول عن أبي إسماعيل الأنصاري :"المجسم الخبيث ،،، وهو ضال مارق"{ص:83}.
[11] ـ قلت: بالنسبة للسقاف الحيرة هي الطابع العام للمذهب الأشعري يقول في تعليقه على (الإبانة){ص:167} عن البيهقي :
" الرجل منزه ولكنه حائر، و ليست لديه أجوبة قاطعة أو باتة للنصوص التي يوهم ظاهرها التشبيه و التجسيم وصفات المحدثات، فليس هناك مذهب واضح المعالم.... فأسلوبه و أسلوب أمثاله هو الذي أوجد التميع و الحيرة في الفكر الأشعري".
[12] ـ قال ابن حجر في ( لسان الميزان){28/1}:
" إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام أبو إسحاق البصري مولى بني بحير بن الحارث بن عباد الضبعي من رؤوس المعتزلة، متهم بالزندقة، وكان شاعراً أديباً بليغاً، وله كتب كثيرة في الاعتزال والفلسفة، ذكرها النديم قال ابن قتيبة في (اختلاف الحديث) له: كان شاطرا من الشطار، مشهوراً بالفسق، ثم ذكر من مفرداته أنه كان يزعم أن الله يحدث الدنيا وما فيها في كل حين من غير أن يفنيها، وجوز أن يجتمع المسلمون على الخطأ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يختص بأنه بعث إلى الناس كافة، بل كل نبي قبله بعثته كانت إلى جميع الخلق، لأن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم تبلغ آفاق الأرض، فيجب على كل من سمعها تصديقه واتباعه، وأن جميع كتابات الطلاق لا يقع بها طلاق، سواء نوى أو لم ينو، وأن النوم لا ينقض الوضوء، وأن السبب في أطباق الناس على وجوب الوضوء على النائم وأن العادة جرت أن نائم الليل إذا قام بادر إلى التخلي، وربما كان لعينيه نهض، فلما رأوا أوائلهم إذا انتبهوا توضئوا ظنوا أن ذلك لأجل النوم، وعاب على أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود الفتوى بالرأي، مع ثبوت النقل عنهم في ذم القول بالرأي.
وقال عبد الجبار المعتزلي في (طبقات المعتزلة): كان أمياً لا يكتب وقال أبو العباس بن العاص في كتاب (الانتصار): كان أشد الناس إزراء على أهل الحديث، وهو القائل:
زوامل الأسفار لا علم عندهم بما يحتوي إلا كعلم الأباعر
مات في خلافة المعتصم سنة إحدى وثلاثين ومائتين."
ثم يزعم السقاف أن المعتزلة تأخذ بالأحاديث الصحيحة، وهذا الداء( الطعن في أهل الحديث) قد عرفت من أين أخذه السقاف.
http://www.taibaoui.com/index.php?type=3&detail_prod=78
No comments:
Post a Comment