هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فرج المرجي:
سؤال يطرحه بعض طلبة العلم (هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا) وإني لأعجب من هذا الطرح الذي لم يكلف فيه الطالب نفسه أدنى كلفة بالنظر في أصول مذهب الفريقين ليقف على حقيقة الأمر بلا شك ولا أدنى ارتياب! لأن طالب العلم لم يبلغ هذه المرتبة إلا لقدرته على البحث والطلب.
وإني سأعينك أخي الطالب على هذا الأمر لقوله صلى الله عليه وسلم «وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها صدقة»، وقوله صلى الله عليه وسلم «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، وإعانتي لك يا أُخيَّ هو عرض أصول الفريقين من كتب أئمتهم المعتمدة وليست تقولا على أفراد منهم من غير تعرض للمناقشة لأن المقام لا يحتمله وأترك لك الحكم بعد ذلك، فإن رأيت الفريقين على أصول متفقة فأحمد الله تعالى على الاجتماع وإن رأيت الاختلاف فاسأل الله تعالى الهداية إلى الحق بصدق، فإن من سأل الله بصدق بلغه الله ما يريد؟
وقبل الشروع في ذكر الأصول ينبغي لطالب العلم معرفة أن أهل السنة يراد بها معنى أعم وهو أهل البدع وكلامنا على المعنى الأخص.
فأول هذه الأصول (مصدر التلقي) فعند الأشاعرة هو العقل قال السنوسي في شرح الكبرى (وأصول الكفر ستة...والسادس التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية).
وانظر أساس التقديس للرازي والشامل للجويني وغيره وعند أهل السنة والجماعة مصدر التلقي هو السمع أي الكتاب وصحيح السنة أنظر شرح أصول أهل السنة والجماعة للالكائي والشريعة للأجري وغيرهما.
الأصل الثاني: (إثبات وجود الله) فعند الأشاعرة الدليل على إثبات وجود الله الحدوث والقدم وعند أهل السنة والجماعة أمر فطري معلوم بالضرورة ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، قال تعالى (فطرت الله التي فطر الناس عليها)، وقال عليه الصلاة والسلام «كل مولود يولد على الفطرة».
الأصل الثالث: (إثبات توحيد الله تعالى)، فعند الأشاعرة توحيد الله نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي (نفي الكمية المتصلة والمنفصلة) وأول واجب عند الأشاعرة النظر أو القصد إلى النظر، وعند أهل السنة والجماعة توحيد الله يكون بالإقرار بربوبية الله واختصاصه بالألوهية والعبادة، وإثبات صفاته وأسمائه وأول واجب على المكلف الإيمان بذلك لحديث أو ما تدعوهم إليه أن يوحد الله.
الأصل الرابع: (الإيمان) فعند الأشاعرة هو التصديق القلبي واختلفوا في النطق والزيادة والنقصان وهي في ثوابه لا في نفسه عندهم.
وعند أهل السنة والجماعة الإيمان نطق اللسان وتصديق القلب وعمل الجوارح ويزيد وينقص في ثوابه ونفسه.
الأصل الخامس: (القرآن) فعند الأشاعرة هو معنى كلام الله وليس هو بذاته كلام الله على الحقيقة لأن كلامه نفسي فإذا عبر عنه بالعبرانية فهو توراة وبالسريانية فهو إنجيل وبالعربية فهو قرآن وكلها مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجاز لأنها تعبير عنه.
وعند أهل السنة والجماعة القرآن كلام الله حقيقة غير مخلوق وأنه تكلم به فسمعه جبريل من الله ثم بلغه محمدا صلى الله عليه وسلم كما سمعه على حقيقته.
الأصل السادس: (القدر) فالأشاعرة أرادوا أن يوفقوا بين الجبرية والقدرية فجاءوا بنظرية الكسب التي مآلها جبرية خالصة حيث تنفي أي قدرة أو تأثير للعبد، قال الرازي (إن الإنسان مجبور في صورة مختار).
وأهل السنة والجماعة يوجبون الإيمان بالقدر كله وأن كل شيء عند الله مقدر معلوم وهو سر الله المكتوم لا يُعلم إلا بعد وقوعه وللعبد إرادة ومشيئة لقوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهي داخلة في مشيئة الله تعالى لقوله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله).
الأصل السابع: (النبوات) ويتعلق فيها أكثر من مسألة ولكني أذكر واحدة، فعند الأشاعرة لا نبي إلا بمعجزة والسحر والكهانة من جنس معجزات النبوة إلا أن الساحر لا يدعي النبوة مع سحره، ولو ادعاها لسلبه معرفة السحر، وعند أهل السنة والجماعة النبوة تجمع بين صفات ثبوتية وإضافية وهي اصطفاء من الله والله أعلم حيث يجعل رسالته يخصه بدلائل وبراهين وصفات توجب تصديقه وإتباع أوامره على حد جواب صاحب القبر فيما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: عبد الله ورسوله جاءنا بالبينات والهدى فأمنا وأتبعنا.
الأصل الثامن: (الصفات لله تعالى) فالأشاعرة لا يثبتون إلا سبع صفات معنوية فقط دل عليها العقل وأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله تعالى المعنوية والخبرية الذاتية والفعلية التي دل عليها كتاب الله وصحيح السنة من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف على حد قول أئمتهم (أمروها مثل ما جاءت غير تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف) وهذا الأصل من أشد الأصول اختلافا بين الفريقين، وإلى هذا الأصل نقف على اختصارها واغتضابها وإلا فهناك اختلاف في السمعيات وأفعال المخلوقات والحكمة الغائية والتأويل والتكفير مما يُظهر لنا أن لكل فريق أصولا لا توافق أصول الفريق الآخر.
اسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يسلك بنا سبيل مرضاته إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.
تاريخ النشر: الاثنين 15/1/2007
جريدة الوطن
المصدر: منتديات الفلاح
__________________
قال ابن قدامة رحمه الله في كتاب المناظرة في القرآن ص35 : ولا نعرف في أهل البدع طائفة (يكتمون) مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة و(الأشعرية) ا.هـ
الاشاعرة .. الوجه الاخر
قال الامام ابن عبد البر "قول الإمام مالك لا تجوز شهادة أهل البدع و أهل الأهواء . أهل الأهواء عند مالك و سائر أصحابنا هم أهل الكلام ، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء و البدع أشعرياً كان أو غير أشعري و لا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً و يهجر و يؤدّب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب ". (جامع بيان العلم و فضله 2/96)ا.هـ
الاشاعرة .. الوجه الاخر
قال الامام ابن عبد البر "قول الإمام مالك لا تجوز شهادة أهل البدع و أهل الأهواء . أهل الأهواء عند مالك و سائر أصحابنا هم أهل الكلام ، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء و البدع أشعرياً كان أو غير أشعري و لا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً و يهجر و يؤدّب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب ". (جامع بيان العلم و فضله 2/96)ا.هـ
No comments:
Post a Comment