Friday, May 8, 2009

جدل حول الأشعرية - نظرة معتزلي عن الاشاعرة

قراءة تحلل الأشعرية قديما وحديثا

تـهتم هذه القراءة

بكشف المغالطات في النسق الفكري للأشعرية










هذه الوريقات هي جزء من الكتاب رقم 12 ، خصص كله للجدل مع الأشاعرة والمطلوب قراءته بعناية ، وهذا القسم هو مجرد مدخل لقراءة فكر الأشاعرة ، آمل أن يلاقي العناية وإبداء الملاحظات عليه .وستتبعه الأقسام الأخرى لنفس الغرض .


أمين نايف ذياب

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

جدل مع الأشعرية

ما يجب الاهتمام به والتدبر فيه من كلام الأشاعرة يوضع في هذا الشكل


ما يجب الاهتمام به كثيرا من تعليقات المؤلف يوضع في شكل مزدوج الخطوط هكذا :


التمهيد

لـمـاذا الأشعرية ؟ ما قيمة قراءة الأشعرية ؟ ـ مع أنـها مجهولة كل الجهالة عند جمهور المسلمين ـ هي معروفة عند حفنة أو حفنات من الناس ! بل أنَّ من نسبوا إلى الأشاعرة على صيغة الجمع ، هم مجهولون أيضا ، ومع كون المنسوبين إليه هو شخص واحد ( وهو أبو الحسن علي بن إسماعيل بن اسحق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن عامر المكنى بأبي بردة بن عبد الله وعبد الله هذا هو ( أبو موسى ) بن قيس الأشعري وقد غلبت نسبته بالأشعري على كنيته وعلى اسمه ) ولد 260 وتوفي 323 هـ . ورغم وصفه بأنه مؤسس الفرقة الأشعرية . إلاّ إنه مجهول تماما عند من يقال عنهم الأشاعرة ، بل إنَّ اسم الأشاعرة أيضا كمنهج من مناهج الفرق الإسلامية غير معروف أو مشهور أيضا ، والسبب أنـهم أحبوا الاختباء وراء اسم أهل السنة والجماعة ، على اعتبار الانتماء لمدلول أهل السنة ـ أي سنة المصطفى ـ والجماعة ـ أي جماعة المسلمين ـ وبهذا الاسم أرادوا تسويغ أنفسهم أنهم أهل الحق ، لكن هذا القول بـهذه الصورة ، لا واقع له في بنيتهم الفكرية ، فلا هم اهل سنة المصطفى r ، ولا هم جماعة المسلمين ، وإذ سنة المصطفى ليست حكرا على أحد أبدا ، كانت التسمية تحمل نوعا من التدليس قصدوه ، وتعمدوه فهم يعلمون على وجه اليقين أنَّ ما زيفوه من مقالات هو في الواقع مجرد مقولات للرجال تحتمل الحق والباطل ـ بل من حيث الواقع جميع أقوالهم العقدية التي انفردوا فيها ثابتة البطلان ـ وإذ موضوع الأشعرية هو الإيمانيات [العقائد] فلا يمكن بحثها من منظور الاجتهاد ـ أي الصواب والخطأ ـ بل من ميزان الحق والباطل ، أما سنة المصطفى وهي بيان لنصوص وردت بصيغة عامة في القرآن إذ هي تبيين لقول مجمل مثل قوله تعالى : (( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً )) وهذا النص القرآني لم يبين أوقات أداء الصلاة ، فجاءت سنة المصطفى r مبينة لـهذا القول المجمل فحددت الأوقات تحديدا واضحا ، وتكون السنة بيانا لمجمل ؛ أو تخصيصا لعام ؛ أو تقييدا لمطلق ؛ أو سحب حكم واقعةٍ على واقع آخر لسبب أو علة . فهل يستطيع الأشاعرة أو غيرهم الإدعاء أنَّ هذا البيان هو خاص بـهم ؟ وليس معروفا أو معلوما عند غيرهم ؟ طبعا لا أحد من المسلمين يستطيع ذلك ، فهم إذن ليسوا أهل السنة بـهذا المدلول ، فما هي إذن السنة التي ينتمي إليها هؤلاء الأشعرية ؟ هم ينتمون من جهة لانقلاب الأشعري على المعتزلة ؛ لغرض يمكن سبره ، فهو ليس طلب الحق ابدا ، بل في الأكمة ما وراءها !!! . ويدَّعون الانتماء لسنة المحدثين ـ أي ما دونه أهل الحديث من حديث ـ يزعمون أنَّ رسول الله هو قائله ـ مع أن البربهاري شيخ الحنابلة في زمن الأشعري هذا ـ لم يعترف به أنه على السنة ، ولا زالت المعركة حامية الوطيس بين السلفية ـ بدعواها أنها وريثة المحدثين والحنبلية ـ وبين الأشاعرة من كونهم يصفون أنفسهم زورا وتزييفا بأهل السنة والجماعة ، ولا ينكر ذلك إلا مكابر ، والمسألة في مفهوم الأشاعرة الذين يدعون أنـهم أهل السنة هي الإدعاء أنَّهم ممثلو الحق المطلق .

كان أمر الأشاعرة غير مهم للمسلمين جميعا ، ذلك أن مجمل المسلمين ـ من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ـ باستثناء فرقة الشيعة ـ كانوا مجتمعين على ذاكرة جماعية واحدة ، سميت أهل السنة والجماعة ، أو المذاهب الأربعة تارة ، ولم يكن من همٍّ عند جميع المسلمين للبحث في أصول الدين أو العقائد فهي مستقرة بصورة موروث ، دون أن يكون لهذا الموروث أي أثر في أمور المسلمين العامة لكن الأمور تحركت شديدا بسبب ما قامت به السلفية الوهابية من محاولة انتشار خارج محيط ما سمي بالدولة السعودية ، بعد عام 1965م باسم السلفية فقط خارج الدولة السعودية ، بل أنه اسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم تسلط الأضواء عليه ، لقد سلطت الأضواء على ابن تيمية فقط ، من هنا بدا اسم الأشاعرة يعود للظهور على استحياء ، والراصد للصراع السلفي الأشعري يدرك ذلك .

ما هي الأشعرية ؟ وهي تفتقد الأصل ؟ وليس لها فصل يمكن وضعها تحته ؟ وهي مع ذلك دون محددات تميزها : فهي فاقدة للمنهج ، ولا أصول لـها ، ولا جذر لـها نـمت المعرفة عندها على أساسه ، تزعم أنها منطقة وسطى ما بين الجبر والتخيير ، مع كونها غارقة حتى أذنيها في الجبر ، وهي تزعم أنها في منطقة وسطى بين أهل العقل والنقل ، مع أن الخرافة والأسطورة فيها تبلغ الأوج ، انظر قصة رحمة بنت ابراهيم المدونة في فصل خاص ، تزعم الأشعرية انها تنـزه الله تعالى عن المكان وعن الزمان ولكنها تقول برؤية الله يوم القيامة بلا دليل .

هذه الثلاثة : الجبر ؛ والأسطورة الخرافية ؛ والتناقض في داخل البنية الفكرية ؛ ليست هي فقط إشكالية الإشاعرة . ولا يوجد في المنظور إمكانية إعادة انتاج فكر الإشاعرة من تصحيح يبدأ من نقطة الانحراف الرئيسة ، فهم مع الزمن تعقدت مشاكلهم ، فقد نضبت أية لمحة اجتهادية من منهجهم . إذ دخل الفكر الأشعري منذ قرون دور الشروح والحواشي .

يقول الدكتور أحمد محمد صبحي وهو من الأشاعرة :

إن أهم معالم الكلام الأشعري بعد الأيجي يتمثل في ما يأتي :

1. المتون : قوالب مصبوبة صيغت فيها المعتقدات كأنها القول الفصل الذي ليس له مرد .

2. الأراجيز : إذ صيغت العقائد في شكل أراجيز حتى تكون عونا على الحفظ "الصم" أو الآلي الذي يشل التفكير ، [ولذلك لا يوجد أشعري قادر على الاجتهاد والتفكير] .

3. الحشو : ففي عصور التدهور تعلق "الفكر الأشعري" بالقشور دون اللباب وبحشو الاعتقاد دون الأصول .

4. الغيبيات : إذ تُعرض العقلية المتخلفة في غمرة سطحيتها عما هو أصيل إلى ما هو مخدر فتنشر الأوهام والخرافات . ويضع الدكتور صبحي الهامش (3) بعد كلمة الخرافات ويضع الدكتور في الهامش (وربما كانت الأشعرية أكثر تعرضا لآفة الأوهام من السلفية نظرا للتحالف الوثيق بين الأشعرية والتصوف .

ويفصل الدكتور صبحي هذه الأربعة : بأن يأتي بفقرات طويلة من متن السنوسية ، [وهو متن زعم المهندس سعيد فودة أنه قدم شرحا له] فتصدى له آخر من أحداث الأشاعرة هو : [محمد ياسر] فاتهمه بمغالطات في شرح المتن ، اقتضى ردا من أشعريين أخريين على محمد ياسر .

متن السنوسية منسوب إلى السنوسي ت 895 هـ = 1390 م ، لاحظ ايها القارئ الكريم زمن السنوسي فهو زمن الهبوط الفكري ، والسنوسي هو أكبر ممثل للأشاعرة في شمال أفريقيا بعد ابن تومرت ، واسم كتابه عقيدة أهل التوحيد الصغرى أو ( أم البراهين ) ، وهي متن على كتاب : عمدة التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد أو العقيدة الكبرى .


وفي تدليل الدكتور صبحي على انتشار الأراجيز أورد ثلاثة مقطوعات من هذه الأراجيز : الأولى من جوهرة التوحيد لإبراهيم اللقاني ، وجاء بأرجوزة ثانية ولم يُعَرِّفْ بصاحبها ، وعلق الدكتور صبحي عليها بـهامشه رقم (2) بقوله : هكذا اقترن حشو الاعتقاد بالأصول فأصبح من المعتقد : الإيمان بنـزول عيسى u ، وبالدجال ، وبكرامات الأولياء ؛ وترتيب الخلفاء في الفضل كترتيبهم في الخلافة ؛ ولا يصح لعن يزيد بن معاوية ؛ وعائشة أفضل من الزهراء .

ولطرافة أفكار هذه المقطوعة ها هي كاملة :

هكذا من مفردات حشو الاعتقاد التي يؤمنون بها يتبين كم هي محاولتهم اليائسة من التقرب من أهل الحديث !!! [الحنابلة] كل ذلك التقرب من الحنابلة لم ينجح في تقريبهم !!! كان رد فعل الحنابلة أن صدوهم شديدا ، فلم ينتفع الأشاعرة من هذا التقرب ، ولا زال الأشاعرة حتى هذا اليوم غير مقبولين من اهل الحديث ، وأهل الحديث تحول اسمهم اليوم للسلفية . ويظهر من قراءة أبياتـها أن الدكتور صبحي لم يات بها كاملة .




إله الخلق مولانا قـديم وموصوف بأوصاف الكمالِ
هو الحي المدبر كل أمر هو الحق المقـدر ذو الجلالِ

مريد الخير والشر القبيح ولـكن ليس يرضى بالمحالِ

صفات الذات ليس عين ذات ولا غيرا سواه ذا انفصالِ

وما القرآن مخلوق تعالى كلام الرب عن جنس المقالِ

ورب العرش فوق العرش لكن بلا وصف التمكن والإيصال

ولا يمضي على الديان وقت وأحوال وأزمان بحالِ

يميت الخلق طرا ثم يحيي فيجزيهم على وفق الخصالِ

لأهل الخير جنات ونعمى وللكفار إدراك النكالِ

يراه المؤمنون بغير كيف وإدراك وضرب من مثالِ

فينسون النعيم إذا رأوه "في خسران أهل الإعتزال"

وعيسى سوف يأتي ثم يبقى لدجال شقي ذي خبالِ

كرامات الولي بدار دنيا لها كون فهم أهل النوالِ

وأن السحت رزق مثل حل وأن يكره مقالي كل قالِ



ثم يأتي الدكتور صبحي في أبيات من أرجوزة الخريدة البهية للدرديري . يواصل الدكتور صبحي كلامه فيأتي بأمثلة موثقة على حشو الاعتقاد في أفكار الأشاعرة في التفسير من خلال تفسير الأية ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)) (الرعد: من الآية11) من تحفة المريد حاشية جوهرة التوحيد وهذاهو قوله : وقبل التمعن والتدبر بما نقله الدكتور صبحي ، المرجو ممن يطالع هذا الكتاب أن يتمعن : هل من علاقة بين منطوق الآية الكريمة ومنطق العدد من الحفظة ؟ وتوزيع مهماتهم ؟ لا يستطيع المرء المؤمن إلا أن يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله .

No comments:

Post a Comment