محاججة طائفة الكلابية
محمد فوزي الحفناوي
السلام عليكممحمد فوزي الحفناوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صحبه واله ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين اما بعد:
كنا نتجنب نشر محاججات اهل البدع وسرد اقوالهم الفلسفية ودحضها بالمعقول الذي يدّعون احكامه , وذلك امام العامة وضعيفي العقيدة لأن الشبه خطافة, ولكن منذ ان ظهرت القنوات والانترت ووقع هذا الانفتاح الرهيب , حيث اصبح من المستحيل صد الناس عن الاتصال بالآخر وخاصة الشباب الذي نشأ عن فكر متحرر انفتاحي لا يقبل الوصاية والرقابة على فكره ولو من المشايخ , فسقط كثير منهم خاصة انصاف المتعلمين -الكثر في هذه الايام- في شباك اهل الاهواء.
ومما زاد اقتناعي بذلك ان منتديات سلفية اصبحت تطرح شبهات الخصوم دون رد محكم قاطع ملزم.
فاصبح من الضروري طرح هذه المسائل , تقديم جرعات كدواء فيه ضرر لدفع مرض اعظم وذلك بقدر دون افراط , والضرورة تقدر بقدرها .
ولكن ندعو كل سني إلى لزوم اهل السنة ومجانبة اهل الاهواء الكلابية والمعتزلة وغيرهم... وعدم سماع كلامهم في العقائد, اذا آثر السلامة.
وسوف يكون الزامنا منصبا على طائفة الكلابية سواء كانوا اشعرية متكلمة أو ماتوريدية, بسبب كثرة نشاطهم ومنتدياتهم ورسائلهم, وهذا ملاحظ منذ ان اطلق بوش برنامج غزو الفكر السلفي في العالم الاسلامي- بدعوى انه هو الفكر الارهابي -.
ولقد اتبعت منهجا في العرض يعتمد على :
1- عدم استعمال مصطلحات اهل الكلام الا عند الضرورة
2- اتباع اسلوب الحوار لشد الانتباه
3- تبسيط العبارت بقدر الامكان
فنبدأ باسم الله
الجولة الاولى (السمع والبصر و العلم)
السني يهاجم - لتوجيه الحوار نحو ما يريد-: فيقول للكلابي سوى كان متمشعر أو ماتوريدي: انت تنفي صفات الله الذاتية كالسمع والبصر ولا تثبت منها الا الوجود أو ربما العلم.....
الكلابي يجيب: لا انا اثبت هذه الصفات
هنا يبدأ السني في طرح الاسئلة عليه لاثبات كلامه, وكن انت ايها السني دائما سائلا ولا تكن مجيبا , فهو الزم للخصم وتوجيه له لكي يقع في الالزام- هذه نصيحة من ابن حزم مفيدة جدا في المناظرة -
السني يسأل فيقول له: اذا ما معنى سمع الله عندكم ؟
الكلابي يجيب: هو تعلق سمع الله بالمسموع في الازل - وليس لهم اجابة غير ذلك -
فيقول السني: وكذلك العلم بالمسموع عندكم هو تعلق علم الله به في الازل
فما هو الفرق بينهما - لأن باثبات المعنى او اثبات الفرق يتميز كل منهما عن الآخر- ؟
فيبهت الكلابي ولا يجد اجابة
فيرفسه السني بقوله: لقد علمنا ان معنى السمع عندكم هو العلم ...وليس صفة غيره
النتيجة:
ومنه تفهم لماذا الاشعرية والماتوريدية حائرين في الفرق بين سمع وبصر الله وعلمه - فهو عندهم شيء واحد مثل المعتزلة لكنهم جبنوا عن التصريح بذلك , حتى لا يصدموا نصوص القرآن المتواترة , الا ان بعض شجعانهم صرحوا برجوع صفتا السمع والبصر إلى العلم-
وعصم الله اهل السنة لأنهم يقولون: سمع الله هو ادراك الله للمسموع له عند وجوده على الكمال, وبصر الله هو ادراك المبصور له عند وجوده على الكمال..وعلم الله هو ادراك كل شيء قبل وجوده وبعد وجوده وبعد اعدامه على الكمال.
الجولة الثانية (العلم)
يقول السني للكلابي: انتم ايها الكلابية تتنقصون علم الله -سبحانه -وتجعلون المخلوق اعلم منه وتدعون التنزيه , فكم اخطأتم في حق ربكم
يجيب الكلابي: لا نحن لا نتقص علم الله
يسأله السني : اذا فكيف هو علم الله عندكم
يجيب الكلابي: نحن نقول ان علم الله غاية الكمال حيث يعلم كل شيء سيحدث قبل خلق الخلق, علما في غاية الاستغراق للجزئيات.
يعقب عليه السني: ونحن نثبت هذا كذلك , ثم
يسأل السني الكلابي: ولكن عندكم , هل الله سبحانه عندما يخلق الخلق يعلم انه حدث الخلق.؟
هنا يبهت الكلابي ولا يستطيع ان يجيب ببنت شفة لأنه:
لو قال نعم : فقد قال بتغير علم الله من سيحدث قبل خلق الخلق إلى حدث عند خلقهم. والتغير في علم الله الاول عند الكلابية يسمى بحلول الحوادث وهو نقص في حق الله عندهم.
ولو قال لا يعلم : فقد تنقص علم الله وقال بقول الفلاسفة القائلين بان الرب لا يعلم حدوث الخلق ...كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا.
النتيجة:
وهنا تفهم ايها السني ان كل الكلابية عجزوا عن تفسير قوله عز وجل: " وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ..." واضرابها من آيات " ليعلم الله....."
فانظر تفاسيرهم لها لتجدهم بين محرف ومخرف ومتهرب ومفوض,
وعصم الله اهل السنة حيث اتبعوا مفسري السلف القائلين : " ليعلم الله ان ذلك وقع " وهذا لا ينافي علمه الاول: " انه سيقع ذلك "
مع ملاحظة ان بعض الكلابية ذكر تفسير السلف هذا , وصدره بقيل لغصته في حلوقهم.
والى جولة اخرى
=== مشاركة لاحد المتابعين ===
احسنت أخي
هم معتزلة عندما تسألهم عن تفسير فوله (قد سمع الله)
فهل سمعها عندما جادلت ؟
ام سمعها قبل خلقها ؟
فإذا كان سمع المجادلة في الأزل معناه أزلية الأصوات ...
وكذلك في المبصرات فإذا كان الله يبصر الخلق قبل خلقهم ويبصرهم بعد خلقهم فقد قلنا بأزلية المبصرات
ولا أدري هل تمت مناقشة الأشعرية في هذه المسألة بالتفصيل ؟ من قبل العلماء أمثال ابن تيمية وابن القيم وغيرهم
=== نهاية تعليق المتابع ===
نعم ناقشت الكلابية مرارا في هذه المسألة -وطردوني- ولم يجدوا لها جوابا سوى انهم يقولون
اولا: تعلق السمع والبصر و.... في الازل ويسمونه "تعلق تنجيزي قديم" اي انجز في الازل
فاذا قلت لهم اتفقنا ان المسموع والمبصور و.. معدوم في الازل
قالوا لك التعلق امر عدمي اي بالمعدوم
فيقال لهم : هل سمع المعدوم له حقيقة لغوية وعقلية عندكم ( نقصد بالحقيقة اللغوية انه مسموع في كلام العرب, والحقيقة العقلية اي يتصور في الذهن )
فليس لهم اجابة الا لا, ولا ندري حقيقة هذا التعلق ونفوض معناه وحقيقته لله.
فيقال لهم لم تثبتوا شيء. والمعتزلة اصح عقولا منكم,.
لأنه لو اثبتوا اي حقيقة قالوا بقدم الاصوات والمبصورات.
وَهُوَ ما جعل الرازي يقول بقوة ادلة القائلين بقدم العالم من الفلاسفة والقائلين بحدوثها سمع الله والبصر... " بينما الاشعرية قولهم ضعيف. وهذا في كتابه المطالب العالية وهو من آخر كتبه وقال ان هذه المسألة مما يحير العقول.
مما جعل ابو عبدة السنوسي امام الاشعرية في زمانه والمنافح عنها يسفه مقالة الرازي.
فالكلابية دائما تغرك مقدماتهم ولكن لو اوصلتهم للنهاية قالوا لا ندري. فكنت دائما عندما اناظرهم اقول لهم : انتم مفوضة في الاخير, فلو فوضتم من البداية, ولم تحرفوا كلام الله, لكان شركم اقل , ولعل الله يعذركم ويرحمكم.
جولة اخرى (الارادة)
السني يقول للكلابي: انتم ايها الكلابية تنكرون صفة الارادة لله وتدعون انكم مثبتة للصفات
الكلابي يسال: وكيف ذلك
السني يعقب: لا انا الذي اسأل فاقول لك: هل الارادة علة لفعل الله مؤثرة فيه -أي معناه ان الفعل نتج عن اختيار سبق الفعل-؟
الكلابي يجيب : لا ليس الارادة علة لافعال الله بل ملازمة له فقط دون تأثير فيه.
السني يعقب: نعم هذا كان ظننا بكم ان افعال الله ليست عن اختياره
نتيجة:
الكلابية يقولون الارادة ليست علة لافعال الله مؤثرة فيها بالاختيار لأنهم لو قالوا ذلك لقالوا بان ارادة الله تسبق فعله والزموا بحلول الحوادث - على قولهم - لأن الارادة اختيار بين الممكن والاختيار يسبق الفعل – وعند الكلابية لا تسبق الارادة الفعل التنجيزي لله.
فهذا عين قول المعتزلة الارادة عين فعل الله.
جولة اخرى (الواحد)
انا لنحكي في بعض الاحيان قول اليهود والنصارى ونستحي ان نحكي كلام الكلابية .يقول السني للكلابي: انتم ايها الكلابية اما مشركون تقولون بتعدد الارباب وهذا لم يقل به عاقل الا جاحدا او مجنونا.او تقولون بنفي وجود الرب. فتلحقوا بالملحدين.
يجيب الكلابي: اعوذ بالله
يقل السني سائلا: الم تقولوا "لا نقول ان الله واحد في العدد" .
الكلابي يسكت: ولا ينكر .
يعقب السني: مع ان هذه اللفظة فيها محادة لكلام في كثير من الايات مثل قول قوله تعالى:" أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " فاثبت انه يوجد رب واحد في مقابلة تعدد الارباب. فاثبت الواحد من حيث العدد.
ومع ان كلامكم مناف لكلام العرب التي تطلق الواحد على المعدود, فان كلامكم منافي للمعقول.
ثم يسأل السني: فماذا غير عدد الواحد اما الصفر او التعدد
يقول الكلابي: لا الصفر ولا التعدد.
يقول السني: وهذا هو النفي المحض لوجود الرب, لأن : لا الصفر ولا متعدد = لاشيء.
فلا يجد الكلابية اجابة على هذا الاشكال
النتيجة:
تقول الكلابية : لانقول ان الله واحد في العدد وانما نقول ان الله واحد بمعنى انه في الازل كان وحده اي وجوده قبل وجود المخلوق. لأنهم قالوا : لو قلنا ان الله واحد في العدد معناها نستطيع عده وبالتالي فهو متناهي "له نهايات".
فوقعوا في النفي المحض لوجود الله. هروبا من هذا الاشكال.
اسمحوا لي ايها الاخوة في بعض الاحيان يصبح كلام الكلابية اكرمكم الله اشبه "بضراط الابل في الربيع" على حد المثل عندنا في الصحراء الجزائرية.
والى جولة اخرى.
=== تعليق لأحد المتابعين ===
رائع أخي الكريم ...ونحن نتابعك جزاك الله خير
بشأن آخر نقطة وهي التعددية وهل الله واحد أحد أم لا ؟
نريد زيادة شرح ومن قال بها من الأشعرية (أئمتهم)
ولكم الشكر الجزيل
=== انتهى تعليقه ===
اعلم اخي ان هذه الزامات لهم ولا يعني بالضرورة اعتقاداتهم والا كفروا
اما عن الوثيق فتلاحظ اني لا انقل كلامهم لسببين
اولا اني اكتب بعيدا عن مكتبتي من ذاكرتي ولا استحضر نص كلامهم ووموقعه.
ثانيا قصدي الاختصار .
لكن عندما يطلب مني اخ توثيق اقوالهم فلا مانع من ذلك باختصار:
قال اللامشي-من ائمة الماتريدية في اواخر القرن الخامس-:" ولهذا قلنا ان الله تعالى واحد لا من حيث العدد نعني به انه واحد ابدي وفرد ازلي لا واحد عددي لأن العدد متناه وذات الله تعالى ليس بمتناه". كتابه التمهيد لقواعد التوحيد الفقرة 67 صفحة 69.
ويشبهه قول امامهم ابي عبدالله السنوسي في الهداية وهو ينتسب الى الاشعري
المصدر : ملتقى اهل الحديث
اين الشيخ محمد فوزي
ReplyDeleteلقد افتقدناه ولم يعد يكتب في ملتقى اهل الحديث
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/102-107) :
ReplyDelete{ إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه } الحديث حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي ، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي :
كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر . أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ والله أعلم .