Sunday, November 22, 2009

ألفاظ أهل الكلام المحدثة في ميزان أهل السنة والجماعة .....من روائع المقالات العقدية




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد ؛
مما لا شك فيه أن باب الأسماء والصفات توقيفي , فيجب إثبات ما أثبته الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم – من الأسماء والصفات , ونفي ما نفاه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – في هذا الباب , ويكتفى بالألفاظ التي ورد بها النص في الإثبات والنفي , وأما الألفاظ الحادثة المجملة التي لم ترد في كتاب ولا سنة فلا يثبت لفظها ولا ينفى لعدم ورود النص فيها , ولا يقبل معناها ولا ينفى حتى يعلم المراد منها , فإن كانت معانيها حقا وجب قبولها وإن كانت باطلا وجب نفيها .
وأهل الكلام أحدثوا هذه الألفاظ وتمسكوا بها لما تحتويه من إجمال وحق وباطل , كي يتوصلوا بها إلى نفي الصفات- مثل العلو- لأنها تلزم –عندهم- لوازم باطلة وهي هذه الألفاظ الحادثة –الجهة والحد والحيز- التي تحتوي حق وباطل , ولكنهم أظهروا الباطل فيها كي يتوصلوا إلى نفي الصفات الثابتة بالكتاب والسنة .
وسوف نستعرض في هذه المشاركة بعضا من هذه الألفاظ ونذكر حكم أهل السنة عليها والله ولي التوفيق .



قال العلامة الألباني في مختصر العلو - (ج 1 / ص 69-70) :
( إما أن يراد بالمكان أمر وجودي وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس اليوم ويتوهمون أنه المراد بإثباتنا لله تعالى صفة العلو . فالجواب : أن الله تعالى منزه عن أن يكون في مكان بهذا الاعتبار فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات إذ هو أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السموات والأرض وقد قال تعالى : { وما قدر الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } وثبت في ( الصحيحين ) وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقبض الله بالأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ )
وأما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى الوجودي كما كان قبل أن يخلق المخلوقات
فإذا سمعت أوقرأت عن أحد الأئمة والعلماء نسبة المكان إليه تعالى . فاعلم أن المراد به معناه العدمي يريدون به إثبات صفة العلو له تعالى والرد على الجهمية والمعطلة الذين نفو عنه سبحانه هذه الصفة ثم زعموا أنه في كل مكان بمعناه الوجودي قال العلامة ابن القيم في قصيدته ( النونية ) ( 2 / 446 - 447 - المطبوعة مع شرحها ( توضيح المقاصد ) طبع المكتب الإسلامي )
والله أكبر ظاهر ما فوقه شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السماء والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا ق السبع والأرضين بالبرهان
والله فوق العرش والكرسي لا تخفى عليه خواطر الإنسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو لوا : ربنا حقا بكل مكان
نزهمتوه بجهلكم عن عرشه وحصرتموه في مكان ثان
لا تعدموه بقولكم : لا داخل فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شبه وعن مثل وعن تعطيل ذي كفران
يتبع بحول الله
1- المكان :
2- والهيئة والجسم :
قال العلامة ابن العثيمين رحمهالله في مجموع فتاواه
(ونفي الجسمية والتجسيم لم يرد في الكتاب، والسنة، ولا في كلام السلف
فالواجب على العبد التأدب مع الله ورسوله وسلف الأمة فلا ينفي عن الله تعالى إلا ما نفاه عن نفسه ولا يثبت له إلا ما أثبته لنفسه،
أما مالم يرد به نفي ولا إثبات مما يحتمل حقّاً وباطلاً فإن الواجب السكوت عنه
فلا ينفى ولايثبت لفظه، وأما معناه فيسأل عنه فإن أريد به حق قبل، وإن أريد به باطل رد،
وعلى هذا فيسأل من نفى التجسيم ماذا تريد بالجسم؟ فإن قال: أريد به الشيء المركب المفتقر بعضه إلى بعض في الوجود والكمال
قلنا : نفي الجسم بهذا المعنى حق فإن الله تعالى واحد أحد صمد غني حميد.
وإن قال : أريد به الشيء المتصف بالصفات القائمة به من الحياة، والعلم والقدرة، والاستواء والنزول، والمجيء، والوجه، واليد ونحو ذلك مما وصف الله به نفسه قلنا : نفي الجسم بهذا المعنى باطل،
فإن لله تعالى ذاتاًحقيقية، وهو متصف بصفة الكمال التي وصف بها نفسه من هذه الصفات وغيرها على الوجه اللائق به.)أ.ه

3- الحدود:
قال شارح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي (2 / 19- 22):
(وَالشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ الْقَائِلِينَ : إِنَّ اللَّه جِسْمٌ ، وَإِنَّهُ جُثَّةٌ وَأَعْضَاءٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ النَّفْيِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا حَقٌّ ، لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ مَنْ أَدْخَلَ فِي عُمُومِ نَفْيِهِ حَقًّا وَبَاطِلًا ، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ ذَلِكَ . وَهُوَ : أَنَّ السَّلَفَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ لِلَّهِ حَدًّا ، وَأَنَّهُمْ لَا يَحُدُّونَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ .
وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ : ((وَقَدْ أَعْجَزَ خَلْقَهُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ .)) فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللَّه يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُحِيطَ أَحَدٌ بِحَدِّهِ . والحد يقال على ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره , والله تعالى غير حال في خلقه بل هو القيوم سبحانه ,فالحد بهذا المعنى ليس فيه منازعة لأن وراء نفيه نفي وجود الرب ونفي حقيقته , وأما الحد بمعنى العلم والإحاطة فهو منفي عن الله ) أ.ه ملخصا

5- الحيز :
قال الشيخ ابن عثيمين في تقريب التدمرية - مجموع الفتاوى(ج 4 / ص 99)
قلنا: لفظ " التحيز " أو " الحيز " ليس في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه عن الله تعالى:، فليس فيهما أنه في حيز، أو متحيز، ولا أنه ليس كذلك وفي النصوص ما يغني عنه مثل الكبير المتعال.
وقد اضطرب المتأخرون في إثبات ذلك لله تعالى: أو نفيه عنه فإذا أجريناه على القاعدة قلنا: أما اللفظ فلا نثبته ولا ننفيه لعدم ورود السمع به، وأما المعنى فينظر ماذا يراد بالحيز أو المتحيز أيراد به أن الله تعالى: تحوزه المخلوقات وتحيط به، فهذا معنى باطل منفي عن الله تعالى: لا يليق به فإن الله أكبر، وأعظم، وأجل من أن تحيط به المخلوقات وتحوزه كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه؟ ! وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقبض الله تبارك وتعالى: الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض ؟". وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم".
أم يراد بالحيز أو المتحيز: أن الله منحاز عن المخلوقات أي مباين لها منفصل عنها ليس حالاً فيها، ولا هي حالة فيه، فهذا حق ثابت لله عز وجل كما قال أئمة أهل السنة :هو فوق سمواته على عرشه، بائن من خلقه.

6- وأما الأركان والأعضاء والأدوات:
قال شارح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي (2 / ص 23- 26):
(وَأَمَّا لَفْظُ الْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ فَيَسْتَدِلّ بِهَا النُّفَاةُ عَلَى نَفْيِ بَعْضِ الصِّفَاتِ الثَّابِتَةِ بِالْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ ، كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ ,والإمام أبو حنيفة أثبت هذه الصفات الذاتية الخبرية ونفى أن تكون اليد بمعنى الإرادة كما في (الفقه الأكبر) وما أثبته الإمام ثابت بالأدلة القاطعة قال تعالى(ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) ولَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بِقُدْرَتِي مَعَ تَثْنِيَةِ الْيَدِ ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَقَالَ إِبْلِيسُ : وَأَنَا أَيْضًا خَلَقْتَنِي بِقُدْرَتِكَ ، فَلَا فَضْلَ لَهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ...)أ.ه بتصرف
وقال (وَلَكِنْ لَا يُقَالُ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ إِنَّهَا أَعْضَاءٌ ، أَوْ جَوَارِحٌ ، أَوْ أَدَوَاتٌ ، أَوْ أَرْكَانٌ ، لِأَنَّ الرُّكْنَ جُزْءُ الْمَاهِيَّةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، لَا يَتَجَزَّأُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَالْأَعْضَاءُ فِيهَا مَعْنَى التَّفْرِيقِ وَالتَّعْضِيَةِ (التقطيع) ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَالْجَوَارِحُ فِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ وَالِانْتِفَاعِ . وَكَذَلِكَ الْأَدَوَاتُ هِيَ الْآلَاتُ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا فِي جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ . وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي مُنْتَفِيَةٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى . فَالْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ صَحِيحَةُ الْمَعَانِي ، سَالِمَةٌ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ الْفَاسِدَةِ ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُعْدَلَ عَنِ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا ، لِئَلَّا يَثْبُتَ مَعْنًى فَاسِدٌ ، أَوْ يُنْفَى مَعْنًى صَحِيحٌ) أ.ه بتصرف يسير

- والتغير والانتقال والحركة:
قال العلامة ابن باز:
(فإن الله سبحانه قد أثبت لنفسه المجيء،
وكما أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بالنـزول،
ولم يبين لناسبحانه، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، كيفية النـزول، ولا كيفيّة المجيء،
فوجب الكفُّ عن ذلك كما وسع السلف الصالح ذلك، ولم يزيدوا على ما جاء في النصوص,
فالواجب السير على منهاجهم، ولزوم طريقهم في إثبات الصفات الواردة في الكتاب العزيز، والسنة الصحيحة،
بلا كيف, مع الإيمان بأنه سبحانه لا كُفَوَ له،ولا شبيه له، ولا مثيل له, كما قال ( وَلَميَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ( فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمْثَالَ)
ومعلومٌ أن نفي الحركة، والانتقال، دخول في التكييف بغير علم،
ونحن مَمنوعون من ذلك، لعدم علمنا بكيفية صفاته سبحانه؛
لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بذلك، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.) اهـ

تنبيه في لوازم الصفات :



(( أن اللوازم التي يقال إنها تلزم على كلام الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم- نوعان:
أحدها: لوازم صحيحة، غير منافية لكماله سبحانه، فالواجب الالتزام بها وقبولها، كأن يقول من ينفي الرؤية يلزم من إثبات الرؤية أن يكون الرب تعالى في جهة!، فنقول: نعم، هو في جهة العلو بالنسبة للرائين، فهم يرون ربهم من فوقهم، ولازم الحق حق.


الثاني: لوازم باطلة: تنافي كماله سبحانه، فهي ممتنعة في حقه تعالى، ولا نسلم أنها لازمة لنصوص الكتاب والسنة، وإنما يدعيها من يزعم أن ظاهر النصوص تقتضي التشبيه، وتسبق إلى ذهنه لوثة التمثيل، فيبادر إلى نفيها فراراً من هذه اللوازم المزعومة، وهي ليست بلازم،
....
إن ما أخبر الله به عن نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال قد أضافها إلى نفسه وذاته، وحيث إن ذاته لا تشبه الذوات، فصفاته لا تشبه الصفات، فهي صفة حقيقية لائقة بجلاله، لا يلزم عليها شيء من اللوازم الباطلة.


ألم تر أن من ينكر الاستواء والرؤية والقدم واليد، استناداً إلى مثل هذه اللوازم المزعومة، أنه في نفس الوقت يثبت الصفات المعنوية كالعلم،
لو قيل له إن من لوازم العلم الحفظ، والتذكر، ونحو ذلك، لقال: كلا!
هذا علم المخلوقين، وصدق،فكذلك يقال فيما يدعونه من لوازم ليدفعوا بها في نحور النصوص الصحيحة،
إنها لا تلزم في حق الخالق، ولو لزمت في حق المخلوقين فإن الله "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"[الشورى: 11].


هذا والله أعلى وأعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,,,


منقوووووووووووووووووووووووووول





1 comment:

  1. جميل
    ما شاء الله
    بارك الله فيك وفي الكاتب

    ReplyDelete